فتقصف - ازدحم - عليه نساء المشركين وأبناؤهم يتعجبون منه وينظرون إليه، وكان رجلا بكاء لا يملك دمعه حين يقرأ القرآن، فأفزع ذلك أشراف قريش، فأرسلوا إلى ابن الدغنة فقدم عليهم، وذكروا له ما فعل أبو بكر حيث لم يلتزم بما جاء في جوار ابن الدغنة له، فقال ابن الدغنة له يا أبا بكر قد علمت الذي عقدت لك عليه، فإما أن تقتصر على ذلك وإما أن ترجع إلى جواري وذمتي، فإني لا أحب أن تسمع العرب أني أخفرت في عقد رجل عقدت له (وخفر الجوار معناه نقض العهد وإبطاله من جانب واحد وهو الغدر في الذمة والحماية والجوار) فلما سمع أبو بكر من ابن الدغنة هذا ترك له جواره وحمايته والتجأ إلى الله يستجير به ويحتمي به ويلوذ بحماه، فقال له أبو بكر إني أرد إليك جوارك وأرضى بجوار الله ورسوله، ورسول الله صلى الله عليه وسلم يومئذ بمكة.
إن ما أصاب رسول الله صلى الله عليه وسلم والرعيل الأول من الصحابة شيء كبير لا يثبت له إلا أقوياء الإيمان فرسول الله صلى الله عليه وسلم لا يفتر عن الدعوة إلى الله وتبليغ هذا الدين إلى من أرسل إليهم من لدن رب العالمين، وهو في عراك دائم ومستمر مع مشركي قريش، وبلا هوادة، ففي ذات يوم كان في عراك معهم وإذا بالصراخ يعلو بينهم، وعن أسماء بنت أبي بكر الصديق رضي الله عنهما قالت: أتى الصراخ آل أبي بكر فقيل له: أدرك صاحبك، فخرج من عندنا