وهذا العذاب الشديد؟ هل ارتكبوا جرما وذنبا استوجب لهم هذا الجزاء الشديد والعذاب الأليم، والواقع يقول لا هذا ولا ذاك وقع منهم، إنما العتو الإنساني، والغرور بالنفس، وحب الاستعلاء على خلق الله هو الذي ساقهم إلى هذا، إنما ذنبهم الوحيد - في نظرهم - إن كان الإيمان بالله ذنبا - هو الإيمان بالله وحده، الذي لا شريك له في ألوهيته، ولا نظير له في ربوبيته فهو الخالق وحده، والرب القادر على كل شيء، فلا طاعة ولا عبادة إلا له وحده، الذي لا شريك له فهو القوي العزيز الحميد الذي لا يضام من التجأ إليه وتمسك بحبله المتين، ولا يهان من احتمى بحماه المنيع، وما وقع لهؤلاء المؤمنين من العذاب والتحريق بالنار لأجل عقيدتهم التوحيدية، كان امتحانا لهم ودليلا على قوة عقيدتهم وصبرهم على ما يصيبهم من أجلها، وهذا يزيدهم رفعة في الدنيا وعزا وكرامة في الآخرة، حيث أنهم ضربوا المثل الأعلى في الصبر على ما لحقهم من الجبارين الطغاة، ويبقى موقفهم الثابت يدل على عقيدتهم موقف يدل على قوة إيمانهم بخالقهم، كما تبقى حادثتهم هذه تتلى في المحافل عبر التاريخ الطويل والمجتمعات الأممية، ليكون ما نالهم من أجل عقيدتهم درسا عظيما يلقنونه لكل الأجيال القادمة ليستفيدوا منه قوة العقيدة وفائدة التمسك بها، فلولا هذا الموقف الوحيد في التضحية لما طرقت أسماعنا هذه الوقائع والأحداث، التي ترشد إلى الطريق المستقيم لكل من