ذلك الفوز الكبير إن بطش ربك لشديد إنه هو يبدئ ويعيد وهو الغفور الودود ذو العرش المجيد فعال لما يريد)) وفي أول القصة جاءت كلمة (قتل أصحاب الأخدود) والمعنى بكلمة ((أصحاب)) هو الملك ومن معه من أعوانه الظلمة، ويكفي فيهم كلمة ((قتل)) فمعناها لعن وطرد وأبعد - كما قال عبد الله ابن عباس رضي الله عنهما - فهي دليل على غضب الله ومقته لهؤلاء الظلمة، وإبعادهم عن ساحة الرحمة الإلهية الواسعة، لأنهم لا يستحقونها بما ارتكبوه من فظيع الإجرام، مع عباد الله، وشناعة هذه الفعلة القبيحة التي تشعر بقساوة قلوبهم وانعدام الشفقة منها وأنهم تجاوزوا الحدود فيما أتوا به، فاستوجبوا لذلك أن تحل بهم نقمة الله ولعنته وغضبه، فجلسوا بعيدا - كما فعل النمرود مع إبراهيم - عن الأخدود يراقبون وينظرون أعمال أعوانهم وهم يعرضون المؤمنين على النار، فمن ارتد منهم عن دينه وكفر بالله - استجابة لهم - رضوا عنه وأحلوا سبيله وتركوه ومن رفض ما أرادوه واستمسك بعقيدته ودينه رموه في النار وأقحموه فيها، كما أخبر الله تعالى الرحمن الرحيم عنهم ((إذ هم عليها قعود وهم على ما يفعلون بالمؤمنين شهود وما نقموا منهم إلا أن يؤمنوا بالله العزيز الحميد الذي له ملك السموات والأرض والله على كل شيء شهيد)).