عليه وسلم وصحبه الكرام، فأتى منزلهما، وكان عندهما - في ذلك الوقت - الصحابي الجليل ((خباب بن الأرت)) ومعه صحيفة مكتوب فيها شيء من القرآن، من سورة ((طه)) يقرئهما إياها، فلما اقترب من البيت الذي فيه أخته وزوجها وخباب سمع صوت قراءة خباب عليهما القرآن، فقرع باب الدار ودخل، فأسرع خباب إلى الاختفاء منه، ووقع ما وقع من عمر لأخته وزوجها، حين قامت لتكفه عن زوجها وصهره، وكان قد سمع شيئا من القرآن عند ما قرب من الدار.
إن شجاعة فاطمة بنت الخطاب أخت عمر دلت على تمكن الإيمان من قلبها، فإنها عند ما قامت إلى أخيها لتحجزه وتكفه عن زوجها دفعها بقوة الجاهل حتى سقطت على الأرض وضربها فشج وجهها وأسال دمها، فصاحت في وجهه قائلة: لقد أسلمنا وآمنا بالله وبرسوله فاصنع ما بدا لك، فلما رآى عمر ما بأخته من الدم ندم على ما صنع بها، وارعوى عن غيه وجهله، فسلك سبيل الحق.
وفي هذه اللحظة بلغت رحمة الله إلى قلب عمر وأدركته السكينة التي تنزل على المسلم، فاطمأن قلبه عند ما سمع كلام الحق جل جلاله، وذهب عنه ما كان يجده من بغضه للإسلام ورسول الله صلى الله عليه وسلم فسكنت نفسه الثائرة، وهدأت تلك الفورة الغضبية عنه، فهش قلبه للإيمان بالحق، والدخول في دين الله، وخلع عبادة الأوثان والآلهة الباطلة , وكأنه قال