لنفسه الغاضبة عن الحق، كفاك أيتها النفس الأمارة بالسوء التواقة إلى الباطل، تسعين إليه سعيا حثيثا لكي ترضيه ويرضى عنك، دعى المكابرة في الحق وعودي إلى الصواب والواجب، فالرجوع إلى الحق من الفضائل النفسية، فرق قلبه الجافي جفاء الجاهليين إلى الإيمان بالله وبرسوله وبدينه، ولما هدأت نفسه الغاضبة وثاب إليه رشده ووعيه الذي كان فقده من سيطرة الباطل الجاهل عليه، سأل عن مكان وجود الرسول صلى الله عليه وسلم، ليذهب إليه ويعلن عنده إيمانه وإسلامه.
ولما سمع خباب - المختفي من عمر - قول عمر هذا خرج من مخبئه بعد أن علم أن عمر هو الآن سائر في طريق الإيمان، والهداية الإسلامية، فخرج وقال لعمر أبشر يا عمر، فلعل الله قد استجاب دعوة رسوله فيك، فإني سمعته أمس يدعو ويقول (اللهم أيد الإسلام بأبي الحكم بن هشام، أو بعمر بن الخطاب، فالله الله يا عمر) وفي رواية أخرى أوردها الإمام أحمد في مسنده، والترمذي في سننه وغيرهما أنه قال (اللهم أعز الإسلام بأحب هذين الرجلين إليك: بأبي جهل، أو بعمر بن الخطاب).
وحين دلوا عمر على مكان وجود الرسول صلى الله عليه وسلم وأخبروه بأنه في دار - الأرقم - عند الصفا مع نفر من أصحابه، أخذ عمر سيفه فتوشحه ثم ذهب إليه ليظهر إسلامه، وليطهر قلبه من رجس الشرك