ولما لم تستجب إليه هذه القبيلة على لسان أشرافها رجع إلى مكة بدون نتيجة من ثقيف فلم يستجيبوا للدعوة بل أغروا به السفهاء منهم والعبيد والأوباش ومن لا خلاق له من الصبيان وغيرهم فسبوه وصاحوا عليه بأقوال السفهاء، والسفهاء لا يعرفون إلا السفهاء ومن لا خلاق لهم، فاجتمعوا عليه وجعلوا فيما بينهم صفين يرمي عليه بالحجارة كل صف منهما فإذا سلم من هذا الصف وحجارته، أصابته حجارة الصف المقابل فما خرج من بين الصفين إلا وقدماه الشريفتان تسيلان دما، وهما اللتان جعلهما الله لتبليغ الدعوة إلى الخلق، ولخدمة الإسلام والعقيدة والسير بهما في سبيل الله، فكل ما أصابه أو يصيب غيره من الدعاة إلى الحق والخير إنما هو من أجل الدعوة إلى الله والثبات عليها، وإرادة الخير لبني الإنسان.
وعند منصرفه من الطائف عائدا إلى مكة بعد أن رده أهلها ذلك الرد القبيح نزل في مكان وارتاح فيه، ثم توجه إلى ربه بدعاء له مغزاه، وتضرع إليه كي ينصر دينه وأنه لم يفرط فيما أمره به ربه ليبلغه للناس فقال (اللهم إليك أشكو ضعف قوتي، وقلة حيلتي، وهواني على الناس، يا أرحم الراحمين، أنت رب المستضعفين، وأنت ربي، إلى من تكلني؟ إلى بعيد يتجهمني؟ أم إلى عدو ملكته أمري؟ إن لم يكن بك علي غضب فلا أبالي، ولكن عافيتك هي أوسع لي، أعوذ بنور وجهك الذي أشرقت له الظلمات، وصلح عليه أمر