للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

طُوبَى لعينٍ رأَتْ ذاكَ الجنابَ لَقَدْ … رأت جلاءً لأبدانٍ وإبصارِ

وَجْهٌ تعفَّرَ في ذاكَ التُّراب بَدَتْ … عليه نَضْرَةُ حُسْنٍ عند إبصارِ

تُرَى خَطَرْتُ لكم يومًا عَلى خلَدٍ … لصاحبٍ ساعةً في الدَّهر أو …

يقول بعده:

وإخَجْلَةَ المتواني عند رؤية مَنْ … قد فاز سابقةً من غير إقصارِ

ما لي وإن بَعُدَت بي عن ديارِهم … عوائقٌ من آثامي وأوزارِي

إلَّا حنينٌ إليها كلَّما خَمَدَتْ … نيرانه هاجَهُ وَجْدِي وتِذكاري

ولا أزالُ وإنْ شطَّت وإن قَرُبَتْ … أثني بجهدي في جهرِي وإسراري

على نبيٍّ له في الفضلِ منزلةٌ … علياء يقصُرُ عنها كل مختار

محمَّدٍ موضح الإِشكال … الآمال واضعُ أغلال وآصارِ

يا سيّدَ الرُّسْلِ يا أَسْمَى الأنام عُلى … يا خير الورى يا صفوةَ الباري

عليك أَزكَى سلامُ اللهِ ما صَدَحَتْ … وَرقاءُ أو سحَرت أنفاسُ أسحارِ] (١)

ما يُؤهَّلُ للإكثارِ منَ التردُّدِ إلى تلك الآثار إلَّا محبوب (٢) مختار.

حجَّ عليّ بن الموفَّق (٣) ستين حَجّةً، قال: فلما كان بعدَ ذلك جلسْتُ في الحجْرِ أفكِّرُ في حالي وكثرةِ تردادِي إلى ذلك المكانِ، ولا أدرى هَل قُبِلَ مِنِّي حجّي أم رُدَّ. ثم نِمْتُ فرأيتُ في منامي قائلًا يقولُ لي: هل تدعو إلى بيتِك إلَّا مَن تحِبُّ؟ قال: فاستيقظْتُ وقد سُرِّيَ عنِّي. ما كلَ من حجَّ قُبِلْ، ولا كُلُّ مَن صلَّى وُصِل. قيل لابن عمرَ: ما أكثرَ الحاجَّ! قال: ما أقلَّهُم! وقال: الرَّكْبُ كثيرٌ، والحاجُّ قليلٌ.

حجَّ بعضُ المتقدمين فتُوفي في الطريق في رجوعِهِ، فدَفَنَه أصحابُه ونَسُوا الفأسَ


(١) ما بين قوسين زيادة مثبتة في هامش نسخة (آ)، ولم ترد في باقي النسخ.
(٢) في آ: "حبيب" وفي ط وهامش ب عن نسخة "محب".
(٣) هو أبو الحسن العابد، ثقة، عزيز الحديث، وكان من الزاهدين المذكورين. مات سنة ٢٦٥ هـ. له ترجمة في حلية الأولياء ٢٠/ ٣١١، تاريخ بغداد ١٢/ ١١٠، صفة الصفوة ٢/ ٣٨٧، وورد الخبر بنحوه فيها.

<<  <   >  >>