للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ومن كانَ في سُخْطِهِ مُحْسِنًا … فكيفَ يكونُ إذا ما رَضِي

قُدُومُ الحاجِّ يُذكِّرُ بالقُدُومِ على اللهِ عزَّ وجلَّ.

قَدِمَ مسافر فيما مضَى على أهله، فَسُروا به، وهناك امرأة مِن الصَّالحات، فَبكَتْ وقالَتْ: أَذْكَرَنِي هذا بقُدُومِه القُدُومَ على اللهِ عزَّ وجلَّ، فمِنْ مَسْرُورٍ ومَثْبُورٍ (١). قال بعضُ الملوك لأبي حازمٍ (٢): كيفَ القُدُومُ على الله تعالى؟ فقال أبو حازم: أمَّا قُدُومُ الطائعِ على الله تعالى فكَقُدُوم الغائب على أهلِه المشتاقين إليه، وأمَّا قُدُومُ العاصِي فكَقُدوم [العبدِ] (٣) الآبقِ على سَيِّدِه الغضبان.

لَعَلَّكَ غَضْبَانُ وَقلبِيَ غافِل … سَلامٌ على الدّارَيْن إنْ كُنْتَ رَاضِيا

في بعض الآثار الإسرائيلية: يقولُ اللهُ عز وجل: ألا طَالَ شوقُ الأبرارِ إليَّ، وأنا إلى لقائهم أشَدُّ شَوْقًا. كم بين الذين {لَا يَحْزُنُهُمُ الْفَزَعُ الْأَكْبَرُ وَتَتَلَقَّاهُمُ الْمَلَائِكَةُ هَذَا يَوْمُكُمُ الَّذِي كُنْتُمْ تُوعَدُونَ (١٠٣)} (٤) وبين الذين {يَوْمَ يُدَعُّونَ إِلَى نَارِ جَهَنَّمَ دَعًّا (١٣)} (٥). قال علي رضي الله عنه: تتلقَّاهُم الملائكةُ على أبواب الجنة {سَلَامٌ عَلَيْكُمْ طِبْتُمْ فَادْخُلُوهَا خَالِدِينَ} (٦). ويَلْقَى كُل غِلمانٍ صاحبَهم يُطِيفُونَ به فِعْلَ الوِلْدان بالحَميم جاء من الغَيبةِ، ويقولون (٧): أبشِرْ فقدْ أعدَّ الله لكَ مِن الكرامةِ كذا وكذا (٨)، وينطلِقُ غُلامٌ من غلمانِهِ إلى أزواجِهِ مِن الحُور العِينِ، فيقول: هذا فلان، باسمِه في الدنيا، فيقلْنَ: أَنتَ رأيتَه؟ فيقول: نعم. فيستخَفُّهُنَّ الفَرَحُ حتى يخرُجْنَ إلى أُسْكُفةِ الباب (٩).

قال أبو سليمان الدارانيُّ: تَبْعَث الحَوْراءُ من الحُورِ الوَصِيفَ من وَصَائفِها، فتقول: ويحَكَ! انظُرْ ما فُعِلَ بوليّ الله، فتستبطِئُه فتبعثُ وصيفًا آخَرَ، فيأتي الأوَّلُ


(١) المثبور: الهالك والخاسر.
(٢) هو أبو حازم الأعرج، سلمة بن دينار المخزومي، عالم المدينة وقاضيها وشيخها، وله أخبار كثيرة. مات سنة ١٤٠ هـ. وقد ورد الخبر بنحوه في صفة الصفوة ٢/ ١٥٨ قاله لسليمان بن عبد الملك.
(٣) زيادة من ط، ب. والآبق: الهارب.
(٤) سورة الأنبياء الآية ١٠٣.
(٥) سورة الطور الآية ١٣.
(٦) سورة الزمر الآية ٧٣.
(٧) لفظة "ويقولون" زيادة من نسخة (آ) فقط.
(٨) تكررت عبارة "قد أعد الله لك من الكرامة كذا وكذا" في ب، ط.
(٩) أُسْكُفَّةُ الباب: عتبته.

<<  <   >  >>