للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وفي "مراسيل" (١) أبي داود أن النبيَّ - صلى الله عليه وسلم -، قال: "ليس عبدٌ إلا سيدخُلُ قلبَهُ طِيَرةٌ، فإذا أحَسَّ بذلك، فلْيقُلْ: أنا عبدُ الله، ما شاءَ الله، لا قوةَ إلا بالله، لا يأتي بالحسناتِ إلا اللهُ، ولا يذهَبُ بالسيِّئاتِ إلَّا الله، أشهدُ أن الله على كل شيء قدير. ثم يَمضي لوجهِهِ".

وفي مسند الإمام أحمد (٢) عن عبد الله بن عمر مرفوعًا: مَن رجعَتْهُ الطيرةُ مِن حاجتِهِ فقد أشرَكَ. وكفَّارةُ ذلك أن يقولَ أحدُهم: اللهمّ لا طَيْرَ إلَّا طيرُكَ، ولا خَيْرَ إلا خيرُكَ، ولا إلهَ غيرُك. وخرَّج الإمام أحمد، وأبو داود (٣) من حديث عروة بن عامر القرشي، قال: ذُكِرَت الطيرَةُ عند رسولِ الله - صلى الله عليه وسلم - فقال: "أحسَنُها الفَألُ، ولا تَرُدُّ مسلمًا، فإذا رأى أَحدُكم مَا يكرهُ فليقُلْ: اللهم لا يأتي بالحسناتِ إلا أنتَ، ولا يدفَعُ السيئاتِ إلا أنت، ولا حَوْلَ ولا قوة إلا بكَ". وخرجه أبو القاسم البَغويُّ (٤)، وعنده: "ولا تضُرُّ مسلمًا".

وفي صحيح ابن حِبَّانَ (٥) عن أنس رضي الله عنه، عن النبي - صلى الله عليه وسلم -، قال: "لا طِيرَةَ، والطِّيرَةُ على مَن تطيَّرَ". وقال النخعيُّ: قال عبد الله بن مسعود: لا تضرُّ الطيرَةُ إلَّا من تطيَّر. ومعنى هذا أن من تطيَّر تطيُّرًا منهيًّا عنه، وهو أن يعتمِدَ على ما يسمعُه أو يراهُ مما يتطيَّرُ به حتى يمنعَهُ ممَّا يُريدُ من حاجته، فإنَّه قد يُصيبُه ما يكرهُه. فأمَّا من توكَّلَ على الله، ووثِقَ به، بحيثُ علَّقَ قلبَه بالله خوفًا ورجاء وقطعَهُ عن الالتفاتِ إلى هذه الأسباب المخوفَةِ، وقال ما أُمِرَ به من هذه الكلماتِ، ومضى، فإنه لا يضرُّه ذلك (٦).


(١) مراسل أبي داود ص ٣٦٢ باب (١١٤) ما جاء في الطيرة.
(٢) مسند أحمد ٢/ ٢٢٠، وقد مضى تخريجه.
(٣) أخرجه أبو داود رقم (٣٩١٩) في الطب: باب في الطيرة، من حديث حبيب بن أبي ثابت، عن عروة بن عامر القرشي، وعروة بن عامر القرشي، ويقال: الجهني المكي، روى عن النبي - صلى الله عليه وسلم - مرسلًا في الطيرة، وقال الحافظ في "التهذيب": والظاهر أن رواية حبيب عنه منقطعة. أقول: وحبيب بن أبي ثابت مدلس، وقد عنعنه. وانظر كنز العمال رقم (٢٨٥٨٣).
(٤) هو عبد الله بن محمد بن عبد العزيز بن المرزبان، أبو القاسم البغوي، مولده ووفاته ببغداد، كان محدّث العراق في عصره. له "معالم التنزيل" في التفسير، و"الجعديات" في الحديث، توفي سنة ٣١٧ هـ.
(٥) صحيح ابن حبان ٧/ ٦٤٢.
(٦) لفظ "ذلك" زيادة من ش، ب، ط.

<<  <   >  >>