للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

شرعًا كقوله تعالى: {كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ} (١)، أو قَدَرًا كقوله تعالى: {كَتَبَ اللَّهُ لأَغْلِبَنَّ أَنَا وَرُسُلِي} (٢). وفي حديث أبي هريرة، عن النَّبيِّ - صلى الله عليه وسلم - أنَّهم قالوا: يا رسولَ اللهِ! متى وجبَتْ لكَ النبوَّةُ؟ قالَ: "وآدَمُ بَيْنَ الرُّوحِ والْجَسَدِ". خرَّجه الترمذي وحسَّنه. وفي نسخة: صحَّحه (٣)، وخَرَّجه الحاكم (٤).

وروى ابن سعد (٥) من رواية جابر الجُعْفِي، عن الشَّعْبيِّ. (٦)، قال: قال رجلٌ للنبي - صلى الله عليه وسلم -: متى استُنْبِئْتَ؟ قال: "وآدَمُ بَيْنَ الرُّوْحِ وَالجَسَدِ، حين (٧) أُخِذَ مِنِّي الميثاقُ" (٨). وهذه الرِّواية تدُلُّ على أنَّه - صلى الله عليه وسلم - حينئذ استُخرِجَ مِن ظهرِ آدَمَ ونُبِّئ، وأُخِذَ ميثاقُهُ. فيحتمِلُ أن يكونَ ذلك دليلًا على أن استِخراجَ ذُريَّةِ آدَمَ من ظهرِه وأخذَ الميثاق منهم كان قَبْلَ نَفْخِ الرُّوحِ في آدَمَ. وقد رُوِيَ هذا عن سلمان الفارسيِّ وغيره من السِّلَفِ. ويُستَدَلُّ له أيضًا بظاهِرِ قولهِ تعالى: {وَلَقَدْ خَلَقْنَاكُمْ ثُمَّ صَوَّرْنَاكُمْ ثُمَّ قُلْنَا لِلْمَلَائِكَةِ اسْجُدُوا لِآدَمَ} (٩) على ما فسَّره به مُجَاهدٌ (١٠) وغيره، أن المراد إخراجُ ذُريَّةِ آدمَ من ظهرِهِ قبلَ أمرِ الملائكةِ بالسُّجود (١١) له، ولكن أكثرَ السَّلفِ على أن استِخراجَ


(١) سورة البقرة، الآية ١٨٣.
(٢) سورة المجادلة، الآية ٢١.
(٣) في آ، ب: "وصحيحه"، وهو خطأ.
(٤) رواه الترمذي رقم (٣٦٠٩) في المناقب، باب في فضل النَّبيِّ - صلى الله عليه وسلم -، وقال: هذا حديث حسن صحيح غريب من حديث أبي هريرة لا نعرفه إلا من هذا الوجه، وفي الباب عن ميسرة الفجر. والحاكم في "المستدرك" ٢/ ٦٠٩، وأخرجه أيضًا أبو نعيم في "أخبار أصبهان" ٢/ ٢٢٦ وهو حديث صحيح بشاهده الذي قبله.
(٥) في آ: "ابن سعيد" وهو تحريف، والحديث في "الطبقات الكبرى" لابن سعد ١/ ١٤٨.
(٦) هو عامر بن شراحيل الهمداني، ثم الشعبي أبو عمرو، من الفقهاء في الدِّين، وجلة التابعين، أدرك خمسين ومئة من الصحابة، وهو من رجال الحديث الثقات، ولد في إمرة عمر بن الخطاب لست سنين خلَت منها، وقيل: ولد سنة إحدى وعشرين ومات سنة (١٠٥) هـ، وقيل: غير ذلك.
(٧) في آ: "حتى" وفي ط: "حيث".
(٨) رواه ابن سعد في "الطبقات" ١/ ١٤٨، من مرسل الشعبي، ورواه الطبراني في "الأوسط"، والبزار في "مسنده"، كما في "مجمع الزوائد" ٨/ ٢٢٣، وجابر الجعفي ضعيف، ولكن الحديث حسن بشواهده التي قبله.
(٩) سورة الأعراف، الآية ١١.
(١٠) في ط: "ابن مجاهد" وهو خطأ. وهو مجاهد بن جَبْر أبو الحجَّاج المكِّي، الإمام شيخ القراء والمفسرين، روى عن ابن عبَّاس، فأكثر وأطاب، وعنه أخذ القرآن، والتفسير، والفقه، وحدث عنه عكرمة البربري، وطاووس بن كيسان، وعطاء، وهم من أقرانه. قال الأنصاري: حدثنا الفضل بن ميمون: سمعت مجاهدًا يقول: عَرَضْتُ القرآن على ابن عباس ثلاثين مرَّة. مات سنة (١٠٢) هـ، وقيل (١٠٤) هـ، وقيل غير ذلك. (سير أعلام النبلاء ٤/ ٤٤٩، طبقات القراء ٢/ ٤١).
(١١) لفظة: "بالسجود" سقطت من (آ).

<<  <   >  >>