للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

عَيْشًا لا مَوْتَ فِيهِ. وقال: فَضَحَ المَوْتُ الدنيا فلَمْ يَدَعْ لِذِي لُبٍّ بها فرحًا. وقال غيرُه: ذَهَبَ ذِكْرُ المَوْتِ بِلَذَاذَةِ كُلِّ عَيْشٍ، وسُرورِ كُلِّ نعيمٍ، ثم بَكَى. وقال: واهًا لدارٍ لا مَوْتَ فيها.

اذْكُرِ المَوْتَ هاذِمَ اللَّذَّاتِ … وتهيَّأْ لِمَصْرَعٍ سَوْفَ ياتِي

غيره (١):

يا غَافِلَ القَلْبِ عَنْ ذِكْرِ المَنيَّاتِ … عَمَّا قَلِيلٍ سَتُلْقَى بَينَ أَمْوَاتِ

فاذْكُرْ مَحَلَّكَ مِن قبلِ الحُلُولِ بِهِ … وَتُبْ إلى اللهِ مِنْ لَهْوٍ وَلَذَّاتِ

إنَّ الحِمَامَ (٢) لَهُ وَقْتٌ إلى أجَلٍ … فاذْكُرْ مَصَائِبَ أيَّامٍ وَسَاعاتِ

لا تَطمئِنَّ إلى الدُّنيا وَزينتِها … قَدْ آنَ لِلْمَوْتِ يا ذا اللُّبِّ أنْ ياتِي

قال بعضُ السَّلفِ: شيئانِ قَطَعا عَنِّي لذاذةَ الدنيا (٣)؛ ذِكْرُ المَوْتِ، والوُقُوفُ بينَ يَدَي اللهِ عَزَّ وجَلَّ.

وكَيْفَ يَلَذُّ العَيْشَ مَن كانَ مُوقنًا … بأنَّ المَنَايا بَغْتَةً سَتُعاجِلُهْ

وكَيْفَ يَلَذُّ العَيْشَ مَنْ كَانَ مُوقِنًا … بأنَّ إلهَ العَرْشِ (٤) لابُدَّ سائِلُهْ

قال أبو الدَّرداء: كَفَى بالموتِ واعظًا، وكَفَى بالدَّهْرِ مُفرِّقًا، اليومَ في الدُّور، وغدًا في القُبُورِ.

اذْكُرِ المَوْتَ ولازِمْ (٥) ذِكْرَهُ … إنَّ في الموتِ لِذِي اللُّبِّ عِبَرْ

وكَفَى بالموتِ فاعْلَمْ واعِظًا … لِمَنِ المَوْتُ عليه قَدْ قُدِرْ

غَفلةُ الإِنسانِ عن الموتِ مَعَ أنَّه لا بُدَّ له منه مِن العَجَب. والمُوجِبُ لها (٦) طولُ الأَمَلَ (٧):


(١) لفظ "غيره" زيادة من (ط).
(٢) الحِمامُ: الموت.
(٣) في آ: "اللَّذَّةَ".
(٤) في ب، ش، ط: "الخلق".
(٥) في ب، ط: "وداوم".
(٦) في ط: "له" وهو تحريف.
(٧) الأبيات للشاعر أبي العتاهية في ديوانه ٩٧ من قصيدة أولها:
خانَكَ الطَّرْفُ الطَّموحُ … أيُّها القَلْبُ الجَمُوحُ

<<  <   >  >>