للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ويومَ الخميسِ، فيُغفَرُ لِكُلِّ عبدٍ لا يُشْرِكُ بالله شيئًا، إلا رجلًا (١) كانت بينَه وبينَ أخيهِ شَحْناءُ، يقولُ: أنْظِرُوا هذين حتَّى يصطَلِحا". ويُرْوَى بإسنادٍ فيه ضعفٌ عن أبي أمامةَ مرفوعًا: "تُرْفَعُ الأعمالُ يومَ الاثنين ويومَ الخميسِ، فيُغفرُ للمستغفرينَ ويُتركُ أَهْلُ الحِقْدِ بحِقْدِهم" (٢). ورَوَى علي بن أبي طلحة (٣)، عن ابن عباس في قوله عز وجل: {مَا يَلْفِظُ مِنْ قَوْلٍ إلَّا لَدَيْهِ رَقِيبٌ عَتِيدٌ} (٤)، قال: يُكتبُ كُلُّ ما تكلَّمَ به من خيرٍ وشرٍّ، حتى إنَّه لَيُكْتَبُ قولُه: أكلْتُ، وشَرِبْتُ، وذَهَبْتُ، وجئْتُ، ورأيْتُ، حتى إذا كان يومُ الخميسِ عُرِضَ قولُه وعملُه فأُقِرَّ منه ما كان فيه مِن خيرٍ أو شرٍّ، وأُلْقِي سائرُه، فذلك قولُه تعالى: {يَمْحُو اللَّهُ مَا يَشَاءُ وَيُثْبِتُ وَعِنْدَهُ أُمُّ الْكِتَابِ (٣٩)} (٥). خرَّجه ابنُ أبي حاتم (٦) وغيرُه. فهذا يدُلُّ على اختِصاصِ يومِ الخميسِ بِعَرْضِ الأعمالِ لا يوجَدُ في غيرِهِ.

وكان إبراهيمُ النخعِيُّ (٧) يبكي إلى امرأتِهِ يومَ الخميسِ وتبكي إليه، ويقولُ: اليومَ تُعْرَضُ أعمالُنا علي اللهِ عزَّ وجَلَّ.

فهذا عَرْضٌ خاصٌّ في هذين اليومين غيرُ العَرْضِ العامِّ كل يوم، فإن ذلك عَرْضٌ دائم [كل يوم] (٨) بُكْرَةً وعشِيًّا. ويدُلُّ على ذلك ما في "الصحيحين" (٩) عن أبي هريرةَ عن النبي - صلى الله عليه وسلم -، قال: "يتعاقَبُونَ فيكم ملائكة بالليلِ، وملائِكَة بالنهارِ، فيجتمِعونَ في صلاةِ الصُّبحِ، وصَلاةِ العَصْرِ، فيسألُ الذين باتوا فيكم، وهو أعلمُ:


(١) في آ، ب، ط: "إلا رجل".
(٢) أخرجه ابن عدي في "الكامل" ٦/ ٢٤٤١ من حديث أبي أمامة، عن ابن مسعود، عن النبي - صلى الله عليه وسلم -. وفي سنده مطرِّح بن يزيد، وقد ضعف.
(٣) علي بن أبي طلحة، مولى بني العباس، سكن حمص، أرسل عن ابن عباس ولم يره، صدوق قد يخطئ، مات سنة ١٤٣ هـ. (التقريب).
(٤) سورة ق الآية ١٨.
(٥) سورة الرعد الآية ٣٩.
(٦) أخرجه ابن كثير في "تفسيره" ٤/ ٢٢٤.
(٧) هو إبراهيم بن يزيد بن الأسود النخعي، أبو عِمران الكوفي، من أكابر التابعين صلاحًا وصدق رواية وحفظًا للحديث. فقيه أهل الكوفة ومفتيها هو والشعبي في زمانهما، كان يصوم يومًا ويفطر يومًا، مات سنة ٩٦ هـ. (تذكرة الحفاظ ١/ ٧٣، تهذيب التهذيب ١/ ١٧٧، صفة الصفوة ٣/ ٨٦).
(٨) زيادة من آ، ع.
(٩) أخرجه البخاري رقم (٥٥٥) في مواقيت الصلاة: باب فضل صلاة العصر، وفي بدء الخلق: باب ذكر الملائكة، وفي التوحيد: باب قوله تعالى: {تعرج الملائكة والروح إليه}، وباب كلام الرب مع جبريل ونداء الله الملائكة. ومسلم رقم (٦٣٢) في المساجد: باب فضل صلاتي الصبح والعصر والمحافظة عليهما.

<<  <   >  >>