للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الْأَرْضُ} (١): إنه يدخلُ فيها دفْعُهُ عن العُصاةِ بأهلِ الطَّاعةِ. وجاء في الآثار: إنَّ الله يَدْفَعُ بالرَّجُلِ الصالِحِ عن أهلِهِ وولدِهِ وذريَّتِه ومَنْ حَوْلَه. وفي بعض الآثار يقولُ الله عزَّ وجلَّ: "أَحَبُّ العِبادِ إليَّ المُتَحابُّونَ بجلالي المشَّاؤون في الأرضِ بالنَّصِيحةِ، المشَّاؤون (٢) على أقدامهم إلى الجُمُعاتِ".

وفي رواية: "المعلَّقة (٣) قلوبُهم بالمساجِدِ، والمستغفِرونَ بالأسحارِ، فإذا أردتُ إنزالَ عذابٍ بأهلِ الأرضِ فنَظَرْتُ إليهم صَرفْتُ العَذَابَ عن النَّاسِ". وقال مكحولٌ (٤): ما دامَ في النَّاسِ خمسةَ عَشَرَ يَستغفِرُ كُلٌّ منهم الكة كُلَّ يوم خمسًا وعشرين مَرَّة لم يَهلِكُوا بعذاب عامَّة (٥). والآثارُ في هذا المعنى كثيرة جدًّا.

وقد رُوِيَ في صيام النبيِّ - صلى الله عليه وسلم - شعبانَ معنىً آخَرُ، وهو أنَّه تُنْسَخُ فيه الآجالُ. فَرُوِي بإسنادٍ فيه ضعفٌ عن عائشةَ، قالت: "كان أكثرُ صِيامِ رسولِ الله - صلى الله عليه وسلم - في شعبانَ، فقلْتُ: يا رسولَ اللهِ، أَرَى أكثَرَ صِيامِكَ في شعبانَ. قال: إِنَّ هذا الشهر يُكتَبُ فيه لملَكِ الموتِ مَنْ يقبضُ، فأنا لا أحِبُّ أن يُنْسَخَ اسْمِي الَّا وأنا صَائمٌ" (٦).

وقد رُوِي مُرْسَلًا، وقيل: إنَّه أصَحُّ.

وفي حديثٍ آخرَ مُرسلٍ: "تُقْطَعُ الآجالُ مِن شعبانَ إِلى شعبانَ، حتَّى إِنَّ الرَّجُلَ لَيَنْكِحُ ويُولَدُ له ولَقَدْ خَرَج اسْمُه في الموتَى" (٧).


(١) سورة البقرة الآية ٢٥١.
(٢) في ش، ط: "الماشون".
(٣) في ب، ط: "المتعلقة".
(٤) هو مكحول بن أبي مسلم، أبو عبد الله، الهذلي بالولاء. عالم أهل الشام في عصره، من حفاظ الحديث. أصله من كابل، ترعرع بها وسُبي، وصار مولى لامرأة بمصر من هذيل، فنسب إليها وأعتق، وتفقه، ورحل في طلب الحديث إلى العراق فالمدينة، واستقر بدمشق، وتوفي نحو سنة ١١٢ هـ. (الحلية ٥/ ١٧٧، تذكرة الحفاظ ١٠٧).
(٥) في ش، ع: "عامٌّ". وفي الحلية ٥/ ١٨٣: "لم يؤاخذ الله تلك الأمة بعذاب العامة".
(٦) ذكره الهيثمي في "مجمع الزوائد" ٣/ ١٩٢، قال: عن عائشة: أن النبي - صلى الله عليه وسلم - كان يصوم شعبان كلَّه. قالت: قلتُ يا رسول الله! أحبُّ الشهور إليك أن تصومَه شعبانُ. قال: إن الله يكتب على كل نفسٍ ميّتةٍ تلك السنة، فأحبُّ أن يأتيني أجلي وأنا صائم. قلت: في الصحيح طرف منه. رواه أبو يعلى (٨/ ٣١٢) وفيه مسلم بن خالد الزنجي، وفيه كلام وقد وثق.
(٧) رواه الديلمي في "الفردوس" ٢/ ٧٣ عن عثمان بن الأخنس، وذكره الزبيدي في في "إتحاف السادة" ١٠/ ٢٨١، وقال: رواه الديلمي من حديث أبي هريرة. وروى ابن أبي الدنيا وابن جرير مثله من طريق الزهري عن عثمان عن=

<<  <   >  >>