للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

"إنك لن تدعَ شيئًا اتِّقاءَ الله إلَّا آتاك الله خيرًا منه". خرَّجَه الإمام أحمد (١). فهذا الصَّائمُ يُعطَى في الجنة ما شاء الله من طعامٍ وشرابٍ ونساءٍ قال الله تعالى: {كُلُوا وَاشْرَبُوا هَنِيئًا بِمَا أَسْلَفْتُمْ فِي الْأَيَّامِ الْخَالِيَةِ} (٢). قال مجاهد وغيرُه: نزلَتْ في الصائمين.

قال يعقوب بن يوسُفَ الحنفي: بلغنا أن الله تعالى يقول لأوليائه يومَ القيامة: يا أوليائي، طالما نظرْتُ إليكم في الدُّنيا وقد قلَصَتْ شفاهُكم عن الأشربة، وغارت أعينكم، وخفقت (٣) بطونُكم؛ كونوا اليومَ في نعيمكم، وتعاطَوا الكأسَ فيما بينكم، و {كُلُوا وَاشْرَبُوا هَنِيئًا بِمَا أَسْلَفْتُمْ فِي الْأَيَّامِ الْخَالِيَةِ}. وقال الحسن: تقولُ الحوراءُ لولي الله وهو متكئ معها على نهر العَسَلِ تُعاطيه الكأسَ: إنَّ الله نظر إليكَ في يومٍ صائفٍ بعيدِ ما بين الطرفين، وأنت في ظمأ هاجرةٍ من جهد العطشِ، فباهَى بك الملائكةَ، وقال: انظروا إلى عبدي تَرك زوجته وشهوتَه ولذَّتَهُ وطعامَهُ وشرابَهُ من أجلي، رغبةً فيما عندي، اشْهَدُوا أنِّي قد غفرتُ لَهُ؛ فغفر لك يومئذٍ وزوجنِيكَ.

وفي "الصحيحين" (٤) عن النَّبيِّ - صلى الله عليه وسلم -، قال: "إنَّ في الجنَّة بابًا يقال له: الرَّيَّانُ، يدخُلُ منه الصَّائمون، لا يدخُلُ منه غيْرُهُم". وفي رواية: "فإذا دَخَلُوا أُغْلِقَ". وفي رواية: "مَنْ دَخلَ منه شَربَ، ومن شرِب لم يَظْمَأ أبدًا". وفي حديث عبد الرحمن بن سَمُرَة، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - في منامه الطويل، قال: "ورأيتُ رجلًا من أمَّتي يَلْهَثُ عَطَشًا، كلَّما ورد حَوْضًا مُنِعَ منه (٥)، فجاءهُ صِيامُ رَمَضَانَ، فسقاه وأرواه". خرَّجه الطبراني (٦) وغيرُه. وروى ابنُ أبي الدنيا بإسنادٍ فيه ضعف، عن أنس مرفوعًا: "الصَّائمون يُنفَخُ


(١) مسند أحمد ٥/ ٧٩.
(٢) سورة الحاقة الآية ٢٤.
(٣) في ط: "وجفت".
(٤) أخرجه البخاري رقم (١٨٩٦) في الصوم: باب الرَّيان للصائمين، وفي بدء الخلق رقم (٣٢٥٧): باب صفة أبواب الجنة. ومسلم رقم (١١٥٢) في الصيام: باب فضل الصيام. والترمذي رقم (٧٦٥) في الصوم: باب ما جاء في فضل الصوم. والنسائي ٤/ ١٦٨ في الصوم: باب فضل الصيام.
(٥) لفظ "منه" لم يرد في آ، ش، ع.
(٦) قطعة من حديث طويل ذكره الهيثمي في "مجمع الزوائد" ٧/ ١٧٩، وقال: "رواه الطبراني بإسنادين في أحدهما سليمان بن أحمد الواسطي، وفي الآخر خالد بن عبد الرحمن المخزومي، وكلاهما ضعيف". وانظر "إتحاف السادة المتقين" ٨/ ١١٩.

<<  <   >  >>