للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

في (١) نذره أن يقوم ما بَقي من ليالي العشر، ويقومَ من عامٍ قابلٍ من أوَّلِ العشر إلى وقتِ نَذْرِهِ. وإن قلْنا: إنَّها تنتقِل في العشر لم يخرُجْ مِن نَذْرِه بدون قيام ليالي العشر كلِّها بعد عام نذرِه. ولو نذَرَ قيامَ ليلةٍ غيرِ معيّنةٍ، لزمَهُ قيامُ ليلةٍ تامَّةٍ؛ فإنْ قام نصفَ ليلةٍ ثم نام أجزأَهُ أن يقومَ من ليلةٍ أخرى نصفَها؛ قاله الأوزاعيُّ، نقلَهُ عنه الوليدُ بن مسلمٍ في كتاب "النذور"، وهو شبيهٌ بقول مَن قال من أصحابنا وغيرِهم: إنَّ الكفَّارة يُجزئ فيها أن يَعتق نصفي رقبتين.

ومنها: أن النبي - صلى الله عليه وسلم - كان يوقظُ أهلَه للصَّلاة في ليالي العشْرِ دونَ غيره من الليالي. وفي حديث أبي ذرٍّ أنَّ النبي - صلى الله عليه وسلم - لما قامَ بهم ليلةَ ثلاثٍ وعشرين، وخمسٍ وعشرين، وسبْعٍ وعشرين، ذكر أنَّه دعا أهلَه ونساءَه ليلة سبعٍ وعشرين خاصَّةً. وهذا يدلُّ على أنَّه يتأكد إيقاظُهم في آكد الأوتار التي تُرجى فيها ليلةُ القَدْر. وخرَّج الطبراني (٢) من حديث علي أن النبي - صلى الله عليه وسلم - كان يوقظُ أهلَهُ في العشر الأواخر من رمضانَ وكُلَّ صغيرٍ وكبيرٍ يطيق الصلاةَ.

قال سفيان الثوري: أحَبُّ إليَّ إذا دَخَلَ العشرُ الأواخرُ أن يتهجَّد بالليل، ويجتهدَ فيه، ويُنهِضَ أهلَه وولدَه إلى الصلاة إن أطاقوا ذلك. وقد صحَّ عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه كان يطرق فاطمَةَ وعليًّا ليلًا فيقولُ لهما: "ألا تقومان فَتُصَلِّيان" (٣).

وكان يوقظُ عائشةَ بالليل إذا قضى تهجُّدَه وأراد أن يُوترَ. وورد الترغيبُ في إيقاظ أحد الزوجين صاحِبَه للصَّلاة، ونضحِ الماء في وجهه. وفي الموطأ (٤) أن عمر بن


(١) في آ، ش، ع: "من".
(٢) رواه الترمذي حتى قوله: "من رمضان" رقم (٧٩٥) في الصيام، باب ٧٣، وقال: هذا حديث حسن صحيح، وبنحوه في مسند أبي يعلى ١/ ٢٨٢. وذكره الهيثمي في "مجمع الزوائد" ٣/ ١٧٤ مطولًا، وقال: "رواه الترمذي باختصار، ورواه الطبراني في الأوسط، وأبو يعلى باختصار عنه، وفي إسناد الطبراني عبد الغفار بن القاسم وهو ضعيف، وإسناد أبي يعلى حسن.
(٣) أخرجه البخاري ٣/ ١٠ في التهجد: باب تحريض النبي - صلى الله عليه وسلم - على قيام الليل والنوافل من غير إيجاب، وفي تفسير سورة الكهف، وفي التوحيد، ومسلم رقم (٧٧٥) في صلاة المسافرين: باب ما روي فيمن نام الليل أجمع حتى أصبح، والنسائي ٣/ ٢٠٥ و ٢٠٦ في قيام الليل.
ورواه أحمد في المسند ١/ ٧٧، ٩١، ١١٢. وانظر تفسير ابن كثير ٣/ ٩٠.
(٤) أخرجه الموطأ ١/ ١١٩ في صلاة الليل: باب ما جاء في صلاة الليل، وإسناده صحيح. وانظر تفسير ابن كثير ٣/ ١٧١.

<<  <   >  >>