للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وفي حديثٍ آخَرَ: "إذا لم يُغفَرْ له في رمضان فمتى يُغفَرُ لمن لا يغفَر (١) له في هذا الشهر؟ متى يقبَلُ مَن رُدَّ في ليلة القدر؟ متى يصلُح من لا يصلُح في رمضان؟ متى يصح من كان به فيه من داءِ الجهالة والغفلةِ مَرضان؟ كُل ما لا يثمِرُ من الأشجار في أوان الثمار؛ فإنَّه يُقطَعُ ثمَّ يوقَدُ في النار. من فرَّط في الزَّرْع في وقت البِذار، لم يحصُدْ يومَ الحصاد غيرَ النَّدم والخَسَار.

ترحَّلَ الشَّهرُ وا لهفاهُ وانْصَرَما (٢) … واخْتَصَّ بالفوز في الجنَّاتِ مَن خَدَما

وأصبَحَ الغافِلُ المِسْكِينُ منكسِرًا … مثْلِي فيا ويحَهُ يا عُظْمَ ما حُرِمَا

من فاتَهُ الزَّرْعُ في وَقْتِ البذارِ فَمَا … تراهُ يحصُدُ إلَّا الهَمَّ والنَّدَما

شهر رمضان شهرٌ أوَّلُه رحمةٌ، وأوسَطُه مغفرةٌ، وآخرُه عِتْقٌ مِن النَّار. رُوِي هذا عن النبي - صلى الله عليه وسلم -، من حديث سلمان الفارسي. خرَّجه ابنُ خُزَيمة في "صحيحه" (٣).

ورُوي عنه أيضًا من حديث أبي هريرة رضي الله عنه، خرَّجه ابنُ أبي الدنيا وغيره.

والشهرُ كلُّه شَهْرُ رَحْمَةٍ ومغفرةٍ وعِتْقٍ، ولهذا في الحديث الصحيح: أنَّه تُفتَحُ فيه أبوابُ الرَّحمة.

وفي الترمذي (٤) وغيرِه: "إنَّ لله عتقاءَ مِن النَّارِ، وذلك في كُل ليلةٍ". ولكنَّ الأغلبَ على أوَّله الرحمةُ، وهي للمحسنين المتقين. قال الله تعالى: {إِنَّ رَحْمَتَ اللَّهِ قَرِيبٌ مِنَ الْمُحْسِنِينَ} (٥). وقال الله تعالى: {وَرَحْمَتِي وَسِعَتْ كُلَّ شَيْءٍ فَسَأَكْتُبُهَا


(١) في آ: "لم يغفر له".
(٢) في ب، ط: "ترحَّل شهر الصبر وا لهفاه … ".
(٣) قطعة من حديث رواه ابن خزيمة في "صحيحه" ٣/ ١٩١ رقم (١٨٨٧) في الصيام: باب فضائل شهر رمضان إن صح الخبر. وإسناده ضعيف؛ لضعف علي بن زيد بن جدعان. قال البنا في "الفتح الرباني" ٩/ ٢٣٣: رواه ابن خزيمة في صحيحه، ثم قال: إن صحَّ الخبر، ورواه أبو الشيخ ابن حبان في الثواب.
(٤) جزء من حديث رواه الترمذي رقم (٦٨٢) في الصوم: باب ما جاء في فضل شهر رمضان. وفي حديث صحيح أخرجه ابن ماجه رقم (١٦٤٣) في الصيام: باب ما جاء في فضل شهر رمضان، عن جابر، قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "إنَّ لله عند كل فطر عتقاء، وذلك في كل ليلة". وفي مسند أحمد ٢/ ٢٥٤ عن أبي هريرة أو أبي سعيد، بإسناد صحيح: "إن لله عتقاء في كل يوم وليلة، لكل عبد منهم دعوة مستجابة".
(٥) سورة الأعراف الآية ٥٦.

<<  <   >  >>