للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

لمَّا كانت المغفرةُ والعِتْقُ من النار كل منهما مرتّبًا على صيام رمضانَ وقيامِه، أمر الله سبحانه وتعالى عندَ إكمال العِدَّةِ بتكبيره وشكرِه، فقال: {وَلِتُكْمِلُوا الْعِدَّةَ وَلِتُكَبِّرُوا اللَّهَ عَلَى مَا هَدَاكُمْ وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ} (١)، فشُكْرُ مَن أَنعَمَ على عباده بتوفِيقِهم للصِّيام، وإعانتهم عليه، ومغفرته لهم به، وعتقِهم من النَّار، أن يذكُروه ويشكروه ويتَّقوه حقَّ تُقَاتِهِ. وقد فسَّر ابنُ مسعودٍ رضي الله عنه تقواه حقَّ تُقاتِه بأنْ يطاعَ فلا يُعْصَى، ويذكَرَ فلا يُنْسَى، ويُشْكَرَ فلا يُكْفَر. فيا أربابَ الذُّنوب العظيمة! الغنيمةَ الغنيمةَ في هذه الأيام الكريمة؛ فما منها عوض ولا لها قيمة، فكم (٢) يعتق فيها من النَّار من ذي جريرة وجريمة، فمن أعتق فيها من النَّار فقد فاز بالجائزة العميمة (٣) والمنحة الجسيمة.

يا من أعتقَهُ مولاهُ مِن النَّار! إيَّاك أن تعودَ بعد أن صِرْتَ حُرًّا إلى رِقِّ الأوزار. أيبعدُكَ مولاك عن النار وأنت تتقرَّبُ منها؟ وينقذُكَ منها وأنتَ توقِعُ نفسَكَ فيها ولا تحيد عنها؟!

وإنَّ امْرَءًا ينجُو مِن النَّار بعدَما … تزوَّدَ مِن أعمالِها لَسَعيدُ

إن كانت الرَّحمة للمحسنين فالمسيء لا ييأسُ منها، وإن تكن المغفرة مكتوبة للمتقين فالظَّالم لنفسه غيرُ محجوب عنها.

إن كان عَفْوُك لا يرجُوُه ذو خطأٍ … فمن يَجُودُ على العاصِين بالكَرَمِ

غيره:

إن كان لا يرجُوكَ إلَّا مُحْسِنٌ … فمن الذي يَرْجُو وَيدْعُو المُذْنِبُ

[غيره:

لم لا يُرْجَى العَفْوُ من رَبِّنا … وكيفَ لا يطمَعُ في حلْمِهِ


(١) سورة البقرة الآية ١٨٥.
(٢) حتى قوله: "وجريمة" ساقط في ط.
(٣) في ش، ط: "لعظيمة".

<<  <   >  >>