للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وفي الصحيحين (١) أتى إنه … بعبدِهِ أَرْحَمُ من أُمِّه] (٢)

{قُلْ يَاعِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ لَا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعًا} (٣). فيا أيُّها العاصي - وكلُّنا ذلك - لا تقنَطْ مِن رحمةِ الله لسوء أعمالِك، فكم يُعتَقُ مِن النار في هذه الأيام مِن أمثالك. فأحْسِن الظَّنَّ بمولاك وتُبْ إليه؛ فإنَّه لا يهلك على الله إلَّا (٤) هالك.

إذا أوجَعَتْكَ الذُّنوبُ فداوِها … بِرَفْعِ يَدٍ في اللَّيلِ واللَّيلُ مُظْلِمُ

ولا تقنَطَنْ مِن رَحْمَةِ اللهِ إنَّما … قنوطُكَ منها مِن ذنُوِبك أعظَمُ

فرحْمَتُه للمُحْسِنين كَرامةٌ … ورَحْمَتُهُ للمذنبين تَكَرُّم

ينبغي لمن يرجُو العِتقَ في شهر رمضانَ مِن النار أن يأتيَ بأسبابٍ توجِبُ العِتْقَ مِن النَّارِ، وهي متيسِّرة في هذا الشهر. وكان أبو قلابَةَ يُعتِقُ في آخر الشهر جاريةً حسناءَ مزينة (٥) يرجو بعتقِها العِتْقَ مِن النار. وفي حديث سلمان [الفارسي] (٦) المرفوع الذي في صحيح ابن خُزَيمة (٧): "مَن فَطَّر فيه صائمًا كان عتقًا لَهُ مِن النار. ومَن خَفَّفَ فيه عن مملوكه كان له عِتْقًا من النار".

وفيه (٧) أيضًا: "فاستكثروا فيه من أربع خصال: خَصلتين تُرْضُونَ بهما ربَّكم، وخَصلتين لا غناء بكم عنهما. فأمَّا الخَصلتان اللتان تُرضون بهما ربَّكم فشهادةُ أن لا إله إلَّا الله، والاستغفار (٨). وأمَّا اللتان (٩) لا غناء لكم عنهما، فتسألون الله الجنَّة، وتعوَّذون به من النار". فهذه الخصالُ الأربع المذكورة في هذا الحديث كُلٌّ منها سببٌ للعتق والمغفرة. فأمَّا كلمةُ التوحيد، فإنَّها تهدِمُ الذُّنوبَ وتمحُوها محوًا، ولا تبقي ذنبًا، ولا يسبقها عملٌ. وهي تعدِلُ عِتْقَ الرِّقاب الذي يوجِبُ العِتْقَ مِن النَّار.


(١) في ط: "وفي الصحيح أنَّه".
(٢) هذان البيتان زيادة من ب، ط، ولم يردا في آ، ش، ع. وقد نثرا في المطبوع.
(٣) سورة الزمر الآية ٥٣.
(٤) لفظ "إلا" لم يرد في ع، ط.
(٥) في آ: "مُرَبّية".
(٦) زيادة في المطبوع.
(٧) ٣/ ١٩٢ رقم (١٨٨٧) في الصيام، وقد سبق تخريجه.
(٨) في صحيح ابن خزيمة: "وتستغفرونه".
(٩) في آ، ش: "التي".

<<  <   >  >>