للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

المرفوع: "إِذا رأَيْتُم الرَّجُلَ يَعْتَادُ المسجِدَ فاشْهَدُوا له بالإِيمان" ثم تلا هذه الآية. خرجه الإِمامُ أحمدُ (١) والترمذي وابنُ ماجه.

وقال الله تعالى: {فِي بُيُوتٍ أَذِنَ اللَّهُ أَنْ تُرْفَعَ وَيُذْكَرَ فِيهَا اسْمُهُ يُسَبِّحُ لَهُ فِيهَا بِالْغُدُوِّ وَالْآصَالِ (٣٦) رِجَالٌ لَا تُلْهِيهِمْ تِجَارَةٌ وَلَا بَيْعٌ عَنْ ذِكْرِ اللَّهِ} (٢)، الآية.

والنوع الأوَّلُ من الجهاد أفضَلُ من هذا الثاني، قال الله تعالى: {أَجَعَلْتُمْ سِقَايَةَ الْحَاجِّ وَعِمَارَةَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ كَمَنْ آمَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَجَاهَدَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ لَا يَسْتَوُونَ عِنْدَ اللَّهِ وَاللَّهُ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ (١٩) الَّذِينَ آمَنُوا وَهَاجَرُوا وَجَاهَدُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنْفُسِهِمْ أَعْظَمُ دَرَجَةً عِنْدَ اللَّهِ وَأُولَئِكَ هُمُ الْفَائِزُونَ} (٣).

وفي صحيح مسلم (٤)، عن النُّعمان بن بشير، قال: كنْتُ عند مِنْبَرِ النَّبي - صلى الله عليه وسلم -، فقال رجل: ما أبالي أن لا أعملَ عملًا بعد الإِسلام إِلَّا أنْ أسقِيَ الحاجَّ. وقال آخر: ما أبالي أنْ لا أعمَلَ عملًا بعدَ الإِسلام، إِلَّا أنَّ أَعْمُرَ المسجدَ الحرام. وقال آخر: الجهادُ في سبيل الله أفضَلُ ممَّا قُلتم: فزَجَرَهُم عُمَرُ، وقال: لا ترفعوا أصواتَكم عندَ مِنْبَرِ رسولِ الله - صلى الله عليه وسلم -، وهو يومُ الجمعة، ولكن إِذا صليتُ الجمعةَ دخلْتُ فاسْتَفْتَيْتُهُ فيما اختلفتم فيه، فأنزل الله عزَّ وجلَّ: {أَجَعَلْتُمْ سِقَايَةَ الْحَاجِّ وَعِمَارَةَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ كَمَنْ آمَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ}، إِلى آخر الآية. فهذا الحديث الذي فيه ذِكْرُ سببِ نُزولِ هذه الآية يبيِّنَ أنَّ المراد أفضَلُ ما يُتقرَّبُ به إِلى الله تعالى من أعمالِ النَّوافِلِ والتطوعِ (٥)، وأنَّ الآية تدُلُّ على أنَّ أفضَلَ ذلك الجِهادُ مع الإِيمان. فدَلَّ على أنَّ التطوُّعَ بالجهاد أفضَلُ من التطوُّع بعِمَارة المسجد الحرامِ وسِقاية الحاجِّ. وعلى مِثل


(١) رواه أحمد في "المسند" ٣/ ٦٨ و ٧٦، والترمذي رقم (٣٠٩٢) في التفسير من سورة التوية، وابن ماجه رقم (٨٠٢) في المساجد والجماعات: باب لزوم المساجد وانتظار الصلاة. من حديث درَّاج أبي السمح، عن أبي الهيثم، عن أبي سعيد الخدري. ذكر الحافظ في "التقريب" في ترجمة درَّاج: أنه صدوق، لكن في حديثه عن أبي الهيثم ضعف. وقد ضعفه الذهبي في "تلخيص المستدرك" ومغلطاي في شرح ابن ماجه. ومع ذلك فقد حسنه الترمذي وصححه ابن خزيمة وابن حبان والحاكم، كما قاله المنذري في "الترغيب".
(٢) سورة النور الآية ٣٦ و ٣٧.
(٣) سورة التوبة الآية ١٩ و ٢٠.
(٤) أخرجه مسلم رقم (١٨٧٩) في الإِمارة: باب فضل الشهادة في سبيل الله تعالى. ورواه الإِمام أحمد في"المسند" ٤/ ٢٦٩.
(٥) بعدها في ط: "الجهاد".

<<  <   >  >>