للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وفي مسند الإِمام أحمد (١)، عن بُرَيْدَة رضي الله عنه، عن النبي - صلى الله عليه وسلم -، قال: "النفقةُ في الحَجِّ كالنَّفقَةِ في سبيل الله بسبعمائة ضعفٍ".

وخرَّجه الطبراني (٢) من حديثِ أنسٍ رضي الله عنه، عن النبي - صلى الله عليه وسلم -، قال: "النفقةُ في سبيل الله؛ الدِّرْهَمُ فيه بسبعمائة". ويدُلُّ عليه قولهُ تعالى: {وَأَنْفِقُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَلَا تُلْقُوا بِأَيْدِيكُمْ إِلَى التَّهْلُكَةِ وَأَحْسِنُوا إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ (١٩٥) وَأَتِمُّوا الْحَجَّ وَالْعُمْرَةَ لِلَّهِ} (٣)، ففيه دليلٌ على أنَّ النَّفقة في الحجِّ والعمرة تدخُلُ في جملة النَّفقةِ في سبيل الله. وقد كان بعضُ الصحابة جَعَلَ بعيرَه في سبيل الله، فأرادت امرأتُه أن تحجَّ عليه، فقال لها النبي - صلى الله عليه وسلم -: "حجِّي عليه؛ فإِنَّ الحَجَّ في سبيل الله". وقد خرَّجه أهلُ المسانيد والسنن (٤) من وجوهٍ متعدِّدَةٍ، وذَكَرَه البخاري تعليقًا. وهذا يُستدَلُّ به على أنَّ الحَجَّ يصرَفُ فيه مِن سهمِ سبيلِ اللهِ المذكور في آية الزكاة، كما هو أحدُ قولي العلماءِ، فيعطَى مِن الزَّكاة من لم يحجَّ ما يحجُّ به. وفي إِعطائه لحجِّ التطوُّعِ اختلافٌ بينَهم أيضًا.


(١) رواه أحمد في "المسند" ٥/ ٣٥٥ وذكره الهيثمي في "مجمع الزوائد" ٣/ ٢٠٨ وقال: "رواه أحمد والطبراني في الأوسط، وفيه أبو زهير [الضبعي] ولم أجد من ذكره". وأخرجه المنذري في "الترغيب" ٢/ ١٨٠ وقال: "رواه أحمد والطبراني في الأوسط والبيهقي، وإِسناد أحمد حسن". وأخرجه البيهقي في "السنن" ٤/ ٣٣٢ في الحج: باب من اختار الركوب. كما أورده الألباني في "ضعيف الجامع الصغير" رقم (٦٠٠٥) وعزاه إِلى أحمد والضياء عن بُريدة.
(٢) الكامل ج ٧ ص ٢٥٥٣ وفي سنده ورقاء عن عطاء، قال ابن عدي: روى جملة ما رواه أحاديث غلط في أسانيدها، وباقي حديثه لا بأس به". وأخرجه المنذري في "الترغيب" ٢/ ١٨٠ وعزاه إِلى الطبراني في الأوسط، عن أنس بن مالك، ولفظه: "النفقة في الحج كالنفقة في سبيل الله: الدرهم بسبعمائة". وذكره الهيثمي في "مجمع الزوائد" ٣/ ٢٠٨ عن أنس بلفظ "الحج في سبيل الله النفقة فيه الدرهم بسبعمائة"، وقال: "رواه الطبراني في الأوسط وفيه من لم أعرفه" وذكره في ٥/ ٢٨٢ عن أنس أيضًا بلفظ "النفقة في سبيل الله تضعف بسبعمائة ضعف" وقال: "رواه البزار وفيه محمد بن إِسماعيل ولم أعرفه، وبقية رجاله ثقات".
(٣) سورة البقرة الآية ١٩٥ و ١٩٦.
(٤) أخرج أبو داود رقم (١٩٨٩) في المناسك: باب في العمرة، عن يوسف بن عبد الله بن سلام، عن جدته أمِّ معقِل أنها قالت: لمَّا حج رسول الله - صلى الله عليه وسلم - حَجَّة الوداع، وكان لنا جمل، فجعله أبو معقل في سبيل الله، وأصابنا مرض وهلك أبو معقِل، وخرج النبي - صلى الله عليه وسلم -، فلما فرغ من حَجِّه جئته، فقال: يا أمِّ معقل، ما منعك أن تخرجي معنا؟ قالت: لقد تهيأنا فهلك أبو معقل، وكان لنا جمل هو الذي نحج عليه، فأوصى به أبو معقل في سبيل الله، قال: فهلَّا خرجت عليه؛ فإِنَّ الحج في سبيل الله، فأما إِذ فاتتك هذه الحجَّة معنا، فاعتمري في رمضان فإِنها كحجة … ".

<<  <   >  >>