للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

في سنن أبي داود (١)، عن النَّبيِّ - صلى الله عليه وسلم -، قال: "مَن تطَهَّر في بيتِهِ، ثم خَرَجَ إِلى المسجد لأداءِ صَلاةٍ مكتوبةٍ، فأجرُه مثلُ أجرِ الحاجِّ المحرِمِ. وَمَنْ خَرَجَ لصلاة الضحى، كان له مثلُ أجرِ المعتمِر".

وفي حديث أنس: أنَّ النبيَّ - صلى الله عليه وسلم - وصَّي رجلًا ببِرِّ أُمِّه، وقال له: أنت حاجُّ ومعتمِرٌ ومجاهِدٌ، يعني إِذا برَّها.

وقال بعضُ الصحابة: الخروج إِلى العيد يومَ الفِطر يعْدِلُ عُمْرَةً، ويومَ الأَضْحَى يعْدِلُ حجَّةً.

قال الحسن: مَشْيُكَ في حاجةِ أخيكَ المسلمِ خيرٌ لكَ من حجَّةٍ بعد حجَّةٍ.

وقال عقبة بن عبد الغافر (٢): صلاةُ العِشاء في جماعة تَعْدِلُ حجَّةً، وصلاةُ الغدَاة في جماعةٍ تَعْدِلُ عُمْرَةً. وقال أبو هريرة لرجلٍ: بُكُورُكَ إِلى المسجد أحَبُّ إِليَّ من غزوتنا مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم -؛ ذكره الإِمامُ أحمد.

أداءُ الواجبات كلِّها أفضَلُ من التنفُّلِ بالحجِّ والعُمْرَةِ وغيرِهما؛ فإِنَّه ما تقرَّبَ العِبادُ إِلى الله تعالى بأحَبَّ إِليه مِن أداءِ ما افترضَ عليهم. وكثيرٌ من الناس يَهُونُ عليه التنفُّلُ بالحَجِّ والصَّدَقة ولا يهُون عليه أداءُ الواجبات من الديون وَرَدِّ المظالم، وكذلك يثقُلُ على كثيرٍ من النُّفوس التنزُّه عن كَسْبِ الحرامِ والشبهاتِ، ويَسْهُلُ عليها إِنفاق ذلك في الحَجِّ والصَّدقة. قال بعضُ السَّلفِ: تَرْكُ دانِقٍ (٣) مِمَّا يكرَهُهُ اللهُ أَحَبُّ إِليَّ من خمسمائة حجَّةٍ. كَفُّ الجوارِحِ عن المُحرَّمات أفضَلُ من التطوُّع بالحَجِّ وغيرِه، وهو أشَقُّ على النفوس. قال الفُضيل بن عياض: ما حَجٌّ ولا رِباطٌ ولا جهادٌ أشَدُّ مِن


(١) رقم (٥٥٨) في الصلاة: باب ما جاء في فضل المشي إِلى الصلاة، عن أبي أمامة رضي الله عنه، وإِسناده حسن. ولفظه فيه: "من خرج من بيته متطهِّرًا إِلى صلاة مكتوبةٍ، فأجره كأجر الحاج المحرم، ومن خرج إِلى تسبيح الضُّحى، لا يُنصِبُه إِلا إِياه، فأجره كأجر المعتمر، وصلاة على إِثر صلاة، لا لغو بينهما، كتاب في علِّيين".
(٢) عقبة بن عبد الغافر الأزدي العَوْذي، أبو نَّهار البصري، ذكره ابن حبان في الثقات، قتل يوم الزاوية سنة ٨٢ هـ، وقيل: قتل في الجماجم سنة ٨٣ هـ. (تهذيب التهذيب ٧/ ٢٤٦).
(٣) الدَّانق: سُدس الدرهم، جمع دوانق ودوانيق.

<<  <   >  >>