للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

والإِسلام والإِحسان، فمن أجابه دخلَ الجنَّة وأَكَلَ من تلك الضيافة، ومن لم يجبْ حُرِم.

خرَّج الترمذي (١) عن جابر، قال: "خرج علينا رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم - يومًا، فقال: رأيتُ في المنام كأنَّ جبريلَ عند رأسي وميكائيلَ عند رجليَّ، فقال أحدُهما لصاحبه: اضْرِبْ له مثلًا، فقال: اسْمَعْ سَمِعَتْ أُذُنُكَ (٢)، واعْقِلْ عَقَلَ قَلْبُك؛ إنَّما مثَلُكَ ومثَلُ أُمَّتِك كمثل ملِكٍ اتخذ دارًا، ثم بنى فيها بيتًا (٣)، وجعل فيها مائدة (٤)، ثم بعث رسولًا يَدْعُو النَّاسَ إلى طعامه؛ فمنهم من أجاب الرسولَ، ومنهم مَن ترَكَه، فاللهُ تعالى: هو المَلِكُ، والدَّارُ هي الإسلامُ، والبيتُ الجنَّةُ، وأنتَ يا محمّد رسولٌ، من أجابك دخَلَ الإِسلام، ومن دخل الإسلامَ دخَل الجنَّةَ، ومَن دَخَلَ الجنَّة أكَلَ مما فيها". وخرَّجه البخاري (٥) بمعناه، ولفظه: "مثلُهُ كمَثَلِ رَجُلٍ بَنَى دارًا، وجَعَلَ فيها مأدُبَةً، وبَعَثَ داعيًا، فمن أجاب الدَّاعي دَخَلَ الدَّارَ وأَكَلَ مِن المأدُبَة، ومن لم يُجِبِ الدَّاعِي لم يدخُلِ الدَّارَ ولم يأْكُلْ مِنَ المأْدُبَة؛ والدَّارُ الجنة، والدَّاعي محمد - صلى الله عليه وسلم - ".

في بعض الآثار الإِسرائيلية يقولُ الله تعالى: "ابنَ آدمَ! ما أنصفتني، أذكُرُكَ وتنسَاني، وأدعوك إليَّ فتفرّ منِّي إلى غيري، وأُذْهِبُ عنك البَلايا وأنتَ منعكِف (٦) على الخطايا، ابنَ آدم! ما يكونُ اعتذارك غدًا إذا جئتني؟ طوبى لمن أجاب دعوة (٧) مولاه، {يَاقَوْمَنَا أَجِيبُوا دَاعِيَ اللَّهِ} (٨).

يا نفس ويحكِ قد أتاكِ هُداكِ (٩) … أَجيبي فَدَاعِي الحَقِّ قَدْ نَادَاكِ

كم قد دُعِيتِ إلى الرَّشاد فتعرضِي … وأَجَبْتِ (١٠) داعِي الغَيِّ حينَ دَعَاكِ


(١) رقم (٢٨٦٤) في الأمثال: باب ما جاء في مثل الله لعباده، من حديث سعيد بن أبي هلال عن جابر بن عبد الله رضي الله عنه، وإسناده منقطع؛ فإنَّ سعيد بن أبي هلال لم يدرك جابر بن عبد الله. قال الترمذي: وفي الباب عن ابن مسعود، وقد روي هذا الحديث عن النبي - صلى الله عليه وسلم - من غير هذا الوجه بإسناد أصح من هذا؛ قال الحافظ في "الفتح" ١٣/ ٢٥٥ - ٣٥٦ وقد اعتضد هذا المنقطع بحديث ربيعة الجرشي عند الطبراني بنحوه، فإن سياقه وسنده جيد.
(٢) في ب، ط: "أذناك".
(٣) في آ، ش، ع، ط: "بناء"، والمثبت من ش والترمذي.
(٤) في آ، ش، ع: "مأدبة".
(٥) رواه البخاري رقم (٧٢٨١) في الاعتصام: باب الاقتداء بسنن رسول الله - صلى الله عليه وسلم -. وقد أورده المؤلف مختصرًا.
(٦) في آ، ع: "معتكف".
(٧) لفظ "دعوه" لم يرد في ب، ط.
(٨) سورة الأحقاف الآية ٣١.
(٩) في ط: "هواكي"، وهو تحريف.
(١٠) في ط: "وتجيبي"، وفي ب "وتجيب"، والمثبت من آ، ش، ع.

<<  <   >  >>