للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ومتاعِها في قوله تعالى: {زُيِّنَ لِلنَّاسِ حُبُّ الشَّهَوَاتِ مِنَ النِّسَاءِ وَالْبَنِينَ وَالْقَنَاطِيرِ الْمُقَنْطَرَةِ مِنَ الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ وَالْخَيْلِ الْمُسَوَّمَةِ وَالْأَنْعَامِ وَالْحَرْثِ ذَلِكَ مَتَاعُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا} (١).

وفي "المسند" (٢) و"الترمذي" عن خولةَ بنت قيس، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: "إنَّ هذا المالَ خضِرَةٌ حُلْوَةٌ، فمن أصابَه بحقِّه بُورِك له فيه، وَرُبَّ متخوِّض فيما شاءت نفسُهُ من مال اللهِ ورسولِه ليس له يوم القيامة إلَّا النار". وفي "المسند" (٣) أيضًا عن خولة بنت تامر الأنصارية، عن النبي - صلى الله عليه وسلم -، قال: "إنَّ الدُّنيا خَضِرةٌ حُلْوَةٌ، وإنَّ رجالًا يتخوَّضون (٤) في مال الله بغير حقٍّ، لهم النَّارُ يومَ القيامة". وخرَّج البخاري (٥) من قوله

"إنَّ رجالًا"، إلى آخره. وفي "المسند" (٦) أيضًا عن عائشة، عن النبي - صلى الله عليه وسلم -، قال: "إن هذه الدنيا خضِرَةٌ حُلْوَةٌ، فمن آتيناه منها شيئًا بطيب نفس أو طيب طعمة ولا إشراف (٧)، بُورِك له فيه، ومن آتيناه منها شيئًا بغير طيبِ نَفْس منَّا وغير طيب طعمةٍ وإشراف منه لم يبارَكْ له فيه". وفي المعنى أحاديثُ أخر.

وقوله - صلى الله عليه وسلم -: "إن مما يُنبت الربيع يقتُلُ حَبَطًا، أو يُلِمُّ، إلَّا آكِلَةَ الخَضِرِ"، مَثَلٌ آخَرُ ضرَبَه - صلى الله عليه وسلم - لزهْرة الدُّنيا وبهجةِ منظرِها وطيبِ نعيمها وحلاوته في النفوس، فمثله كمثل نبات الربيع، وهو المرعى الخضر الذي ينبتُ في زمان الربيع؛ فإنَّه يُعجِبُ الدَّوابّ التي ترعَى فيه وتستطيبه وتكثر (٨) من الأكل منه أكثَرَ من قدر حاجتها؛ لاستحلائها له؛ فإمَّا أن يقتلَها فتهلك وتموت حَبَطًا؛ والحَبَطُ: انتفاخُ البطن مِن كثرة الأَكْل، أو يقاربُ


(١) سورة آل عمران الآية ١٤.
(٢) رواه أحمد في "المسند" ٤/ ٣٦٦، ٣٧٨، والترمذي رقم (٢٣٧٤) في الزهد: باب ما جاء في أخذ المال بحقه. قال الترمذي: حديث حسن صحيح.
(٣) مسند أحمد ٦/ ٤١٠.
(٤) في ب، ش، ط: "سيخوضون". وَيتخَوَّضون: من الخوض، وهو المشي في الماء وتحريكه. وأراد هنا التخليط في المال وتحصيله من غير وجهه كيف أمكن.
(٥) رقم (٣١١٨) في الجهاد: باب قول الله تعالى: {فَأَنَّ لِلَّهِ خُمُسَهُ وَلِلرَّسُولِ}.
(٦) لم أجده في المسند، وذكر بعضه الهيثمي في "مجمع الزوائد" ٣/ ٩٩ و ١٠/ ٢٤٦ وقال: "رواه البزار ورجاله ثقات". وأورده في "كشف الأستار" ١/ ٤٣٥، قال: قال البزار: لا نعلم أسنده إلا شريك، ورواه غيره عن عروة مرسلًا.
(٧) في ط: "إسراف". والإشراف: التطلع إلى المال والطمع فيه.
(٨) في آ، ع: "وتكثر الأكل منه".

<<  <   >  >>