للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

مُشْتَبِهًا وَغَيْرَ مُتَشَابِهٍ انْظُرُوا إِلَى ثَمَرِهِ إِذَا أَثْمَرَ وَيَنْعِهِ إِنَّ فِي ذَلِكُمْ لَآيَاتٍ لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ} (١).

زمانُ الربيع كلُّه واعظٌ يذكِّر بعظمةِ مُوجِدِه وكمالِ قُدْرتِه، ويُشوِّقُ إلى طِيب مجاورته في دار كرامته، كما قال ابن سَمْعُون (٢) في وصف الربيع: أرضُهُ حريرٌ، وأنفاسُهُ عبيرٌ، وأوقاتُه كلُّها وعظٌ وتذكير.

وقال (٣) غيره: الأرضُ فيه زُمُرُّدَةٌ، والأشجار حُلَلٌ وَوَشْيٌ، والهواء مسْكٌ، والنَّسيم عبيرٌ (٤)، والماء راحٌ، والطير قِيانٌ (٥)، والكُلُّ دالٌّ على كمالِ الصَّانع، شاهدٌ له بالوحدانية.

[أنشد بعضهم في زمان الربيع] (٦):

يا قوْمَنا فَاحَ الرَّبيع … ولاحَ للأحباب نجدُ (٧)

الزَّهْرُ مِسْك والرِّيا … ضُ أرِيضَةٌ والمَاءُ جَعْدُ (٨)

والظِّلُّ منثورٌ وفي … جِيدِ الشقائق منه عِقْدُ

هذا النَّسيمُ مُعَنْبَرٌ … وضَبَابُ هذا النَّوْءِ ندّ (٩)

والغُصْنُ يرْقُصُ والغَديـ … ـرُ مصفِّق والوُرْقُ تشدُو

والجوُّ بعضٌ منه يا … قُوتٌ وبَعْضٌ لازَوَرْدُ

والكُلُّ يشْهَدُ أنَّ صا … نِعَهُ قدير وَهْوَ فَرْدُ

وأنشد (١٠) آخر:

الطَّلُّ في سلكِ الغُصون كلؤلؤٍ … رَطْبٍ يصافِحُه النَّسيمُ فيسقُطُ


(١) سورة الأنعام الآية ٩٩.
(٢) هو محمد بن أحمد بن إسماعيل بن عَنْبَس البغدادي، أبو الحسين. وسمعون: لقب جدِّه إسماعيل. الشيخ الواعظ الكبير المحدِّث، شيخ زمانه ببغداد، كان خادم الشبلي، وكان يلقب الناطق بالحكمة. مولده سنة ثلاثمائة، وتوفي سنة ٣٨٧ هـ. (صفة الصفوة ٢/ ٤٧١، سير أعلام النبلاء ١٦/ ٥٠٥).
(٣) حتى قوله: "بالوحدانية" لم يرد في ب، ط.
(٤) في ع: "عنبر".
(٥) القيان: جمع قَيْنة، وهي المغنّية.
(٦) زيادة من ش، ع، وستأتي في باقي النسخ بعد الأبيات.
(٧) في ط: "يحدو".
(٨) الرياض الأريضة: الزكيَّة الكريمة.
(٩) في آ، ش: "هذا اليوم نِدّ".
(١٠) في آ، ب، ط: "ولبعضهم في وصف زمان الربيع".

<<  <   >  >>