صلى الله عليه وسلم ـ مبينة أنهم بشر قاسوا ما قاساه البشر من الآلام والأسقام والأوجاع والفتن والبلايا وتضرعوا إلى ربهم ودعوه، وخافوه، وأحبوه كذلك وطلبوا نصرته وعونه سبحانه وتعالى، وكان خاتمهم وخيرهم محمدًا ـ صلى الله عليه وسلم ـ أكمل الرسل في تحقيق عبودية الله سبحانه وتعالى على نفسه فقد قام من الليل حتى تفطرت قدماه، وأوذي بالله أشد الأذى، وأخرجه كفار مكة منها، وعاداه المنافقون في المدينة عداء شديدًا فسبوه أقذع السباب، ورموا زوجته بأشنع فرية، وقال قائلهم: لئن رجعنا إلى المدينة ليخرجن الأعز منها الأذل. .! ! . . وعاش ـ صلى الله عليه وسلم ـ على الكفاف، وقالت عائشة رضي الله عنها " كان يأتي الهلال والهلال والهلال ثلاثة أهلة في شهرين ولا يوقد في أبيات رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ نار. .! ! قيل لها فما كان طعامكم؟ قالت الأسودان التمر والماء "(رواه البخاري) ، وربط رسول الله الحجر بل الحجرين على بطنه. . وجاع مع أصحابه وصبر معهم. . وكان في المرض يتألم ويوعك كما يوعك رجلان من المسلمين. . وحياة الرسول ـ صلى الله عليه وسلم ـ لا تخفى فأموره أغلبها من المعلوم من الدين ضرورة. . وأشهر ذلك أنه لم يطلب من أحد أن يعظمه أو يعطيه حقًا لله فيسجد له أو يركع له، أو يقوم على رأسه أو يقوم لمقدمه كما قال أنس " كان أصحاب النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ يحبونه وكانوا لا يقومون له لما يعلمون من شدة كراهته لذلك " ومعلوم كذلك أن الرسل لا يعلمون الغيب كما قال تعالى: {قل لا يعلم من في السماوات والأرض الغيب إلا الله وما يشعرون أيان يبعثون}[النمل: ٦٥] . (اقرأ الفصل الخاص بذلك في باب الكشف الصوفي) ، وكذلك لم تكن كل دعواتهم تستجاب لهم فقد دعا نوح وشفع في ابنه قائلًا:{رب إن ابني من أهلي}[هود: ٤٥] . فقيل له {يا نوح إنه ليس من أهلك إنه عمل غير صالح فلا تسألن ما ليس لك به علم إني أعظك أن تكون من الجاهلين}[هود: ٤٦] . ودعا إبراهيم لأبيه فلم يستجب له، وجاء في صحيح البخاري أن إبراهيم يلقى أباه آزر يوم القيامة وقد سربل بسربال من قطران وقد علت وجه آزر غبرة وقترة فيقول له إبراهيم: يا أبت ألم أقل لك لا تعصني. فيقول له آزر: يا بني الآن لا أعصيك. فينادي إبراهيم ربه قائلًا: ربي لقد وعدتني ألا تخزني يوم يبعثون، وأي خزي أكبر من أبي