يستحيل علينا أن نفهم ما يريده المتصوفة بقولهم (الحقيقة المحمدية) إلا بمعرفة عقيدتهم في الله. فالنظرية الصوفية الفلسفية قد وصلت في نهاية القرن الثالث إلى القول بأن الله هو هذا الوجود القائم المتجدد المتغير فهو السماوات والأرض والعرش والكرسي والملائكة والإنسان والحيوان والنبات وهو الأزل والأبد ـ تعالى الله عما يقولون علوًا كبيرًا ـ وإن كانت عباراتهم تختلف أحيانًا فمرة يقولون: هو الروح الساري في الموجودات ويشبهون هذا السريان بأنه كرائحة الورد في الورد. ووجود الروح في الجسم الحي. وتارة يقولون نفس وجود الموجودات هو وجود الله فليس عناك اثنان في الوجود خالق ومخلوق بل المخلوق هو عين الخالق، والخالق هو نفس المخلوق، اعتقد بذلك ونشره في الناس كبار الصوفية من أهل الزندقة والإلحاد كابن عربي، والحلاج، والجيلي، وابن سبعين، ومن على شاكلتهم، وهؤلاء الصوفية أنكروا في كتبهم على من يشهد بأن الله سبحانه وتعالى هو الإله القائم بنفسه المستوي على عرشه البائن من خلقه والذي هو معتقد المسلمين في ربهم سبحانه وتعالى. وقد كان هذا المعتقد أيضًا هو معتقد بعض من نسب إلى التصوف ولذلك شدد ابن عربي عليهم النكير أيضًا وخطّأهم ونسبهم إلى القصور وعدم الفهم (اقرأ كتاب ابن عربي التجليات الذي يزعم فيه أنه التقى برجال التصوف السابقين في البرزخ وناقشهم في عقائدهم هذه في التوحيد وبين لهم خطأهم وعرفهم في النهاية أن لا موجود إلا الله، وأن الله والعبد شيء واحد، وأنهم أقروا جميعًا بذلك وكل ذلك في كتاب التجليات) . والمهم أن هؤلاء المتصوفة الذين نقلوا عقيدة وحدة الوجود عن الفلسفة الأفلاطونية واعتقدوها وجعلوها هي الحقيقة الصوفية وسر الأسرار وهي معتقد أهل الإسلام في زعمهم، نقلوا ما قاله هؤلاء الفلاسفة في نظرياتهم في بدء الخلق فقد قال الفلاسفة الأقدمون " إن أول شيء