فسر أبو نصر السراج الطوسي الشطح الصوفي بأنه (عبارة مستغرقة في وصف وجد فاض بقوته، وهاج بشدة غليانه وغلبته)(اللمع ص٤٥٣) ، وقد لجأ المتصوفة إلى هذا التعريف لتبرير الكفر والزندقة الذي فاضت به كتب القوم وتواتر عنهم معتذرين أن ما قالوه قد قالوه في حالة سكر بما تجلى لهم من حقائق وبما عاينوا من علوم وزعموا أنها أسكرتهم وأطارت صوابهم، وجعلتهم يتكلمون بمثل هذه العبارات وهذا التبرير السمج الذي لجأ إليه الصوفية لا يغير من الحقائق شيئًا وهو أن ما قالوه كفر واضح ظاهر وافتراء على الشريعة.
وقبل أن نبدأ في تفنيد مزاعمهم نستعرض طائفة يسيرة من عباراتهم التي اعتذروا عنها بأنها من الشطح وأن قائليها معذورون فيما قالوه لأنهم بزعمهم كانوا سكارى غائبين عن وعيهم عند ذكرهم لهذه العبارات. فقد تواتر ونقل الناس عن أبي يزيد البسطامي أنه قال " رفعني مرة فأقامني بين يديه وقال لي يا أبا يزيد إن خلقي يحبون أن يروك! ! فقلت: زيني بوحدانيتك وألبسني أنانيتك وارفعني إلى أحديتك حتى إذا رآني خلقك قالوا: رأيناك، فتكون أنت ذاك، ولا أكون أنا هنا "(اللمع ص٤٦١) ا. هـ. .
وذكر عنه كذلك أنه قال " أول ما صرت إلى وحدانيته فصرت طيرًا جسمه من الأحدية، وجناحاه من الديمومة فلم أزل أطير إلى أن صرت في ميدان الأزلية، فرأيت فيها شجرة الأحدية "(اللمع الطوسي ص٤٦١) ، ونقل عنه أيضًا أنه قال:" سبحاني سبحاني " وقال أيضًا " ضربت خيمتي بإزاء العرش "(اللمع ص٤٦٤) ، ومر يومًا بمقبرة للمسلمين فقال " مغرورون " و. . لليهود فقال " معذورون "! ! (اللمع ص٤٦٣) .