[الفصل الثامن: الخضر ـ عليه السلام ـ في الفكر الصوفي]
قصة الخضر ـ عليه السلام ـ التي وردت في القرآن في سورة الكهف، ووردت في السنة في البخاري وغيره، حرّف المتصوفة معانيها وأهدافها ومراميها وجعلوها عمودًا من أعمدة العقيدة الصوفية، فقد جعلوا هذه القصة دليلًا على أن هناك ظاهرًا شرعيًا، وحقيقة صوفية تخالف الظاهر، وجعلوا إنكار علماء الشريعة على علماء الحقيقة أمرًا مستغربًا (فقد أنكر موسى من قبل على الخضر وكان كل منها على شريعة خاصة) وجعل الصوفية الخضر مصدرًا للوحي والإلهام والعقائد والتشريع. ونسبوا طائفة كبيرة من علومهم التي ابتدعوها إلى الخضر، وليس منهم صغير أو كبير دخل في طريقهم إلا ادعى لقيا الخضر والأخذ عنه.
ولما كان لهذه القصة هذا الدور العظيم في الفكر الصوفي فقد أحببت أن أجلي هذا الأمر وأوقف الإخوة القراء على حقيقة الأمر ولنبدأ أولًا بالقصة في القرآن والسنة:
[الخضر في القرآن الكريم]
قال تعالى: {وإذ قال موسى لفتاه لا أبرح حتى أبلغ مجمع البحرين أو أمضي حقبًا فلما بلغا مجمع بينهما نسيا حوتهما فاتخذ سبيله في البحر سربًا فلما جاوزا قال لفتاه ءاتنا غداءنا لقد لقينا من سفرنا هذا نصبًا قال أرأيت إذ أوينا إلى الصخرة فإني نسيت الحوت وما أنسانيه إلا الشيطان أن أذكره واتخذ سبيله في البحر عجبًا قال ذلك ما كنا نبغ فارتدا على آثارهما قصصًا فوجدا عبدًا من عبادنا آتيناه