كثيرون من رجال التصوف ادعوا أنهم قد عرج بهم إلى السماوات العلى. فمنهم عبد الكريم الجيلي وقد ذكرنا بعضًا مما زعم مشاهدته في السماوات وذلك في باب الكشف الصوفي وقد سبق الجيلي من زعم مثل هذا، ويبدو أن أول من افترى ذلك هو أبو يزيد البسطامي الذي جعل لنفسه معراجًا كمعراج الرسول ـ صلى الله عليه وسلم ـ وراح يحدثنا كيف أنه عرج بروحه إلى السماوات سماءً سماءً وأن بغيته كانت في الفناء في الله، أو على حد قوله البقاء مع الله إلى الأبد.
وهذه هي الفكرة البرهمية الوثنية نفسها في الفناء في الذات الإلهية حسب زعمهم.
ولكن البسطامي أول من افتري له أو عليه ذلك. يدعي أنه عرج به إلى السماء السابعة فالكرسي، فالعرش، وأن الله قال له: إلي إلي، وأجلسه على بساط قدسه وقال له:(يا صفي ادن مني واشرف على مشارف بهائي، وميادين ضيائي واجلس على بساط قدسي. . إلخ) ، وهذا هو نص المعراج الكاذب المنسوب إلى أبي يزيد البسطامي.
" في رؤيا أبي يزيد: في القصد إلى الله تعالى وبيان قصته:
قال أبو القاسم العارف ـ رضي الله عنه ـ: اعلموا معاشر القاصدين إلى الله سبحانه وتعالى أن لأبي يزيد حالات ومقامات لا تحتملها قلوب أهل الغفلة وعامة الناس، وله مع الله أسرار لو اطلع عليها أهل الغرة لبهتوا فيها، وإني نظرت في كتاب فيه مناقب أبي يزيد، فإذا فيه أشياء من حالاته وأوقاته وكلامه، ما كلت الألسن عن نعته وصفته، فكل من أراد أن يعرف كماله