الحمد لله الذي وصف نفسه في كتابه، وعلى ألسنة رسله، فهدانا وعلمنا، وشرح صدور أهل الإيمان إلى توحيده وعبادته وتقديسه، فشهدوا شهادة الحق أن الله إله واحد سبحانه، كما قال ـ عز وجل ـ {شهدَ اللهُ أنَّه لا إلهَ إلا هوَ والملائكة وأولو العلم قائمًا بالقسطِ لا إلهَ إلا هوَ العزيزُ الحكيمُ}[آل عمران: ١٨] .
أحمده سبحانه، وأستعينه وأستغفره، وأسأله أن يجعلني أحد أولئك الذين شهدوا له بالوحدانية، وأصلي وأسلم على عبده ورسوله، محمد الداعي إلى سبيل ربه على بصيرة، الذي وصف ربه بما أوحي إليه، فأقام، للناس دينهم الحق، فصلوات الله وسلامه عليه، وعلى آله وأصحابه، ومن سار على نهجه القويم إلى يوم الدين.
وبعد:
فالحركة الصوفية حركة قديمة، نشأت في منتصف القرن الثاني الهجري، وبلغت قمتها العقائدية في أواخر القرن الثالث، أي بعد مرور مئة وخمسين سنة تقريبًا على نشأتها. وأصبحت عقيدة عامة، ودينًا عامًا لعموم المسلمين إلا قليلًا في القرون التاسع والعاشر والحادي عشر، وكانت هذه القرون قرون ظلام وجهل، أفاق العالم الإسلامي بعدها على الغزو الأوربي لأراضيه. وكان العالم الإسلامي في ذلك الوقت في حالة بلغت منتهى السوء، فإن كثيرًا من علماء المسلمين لم