للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

[معراج إسماعيل بن عبد الله السوداني]

ذكرنا في باب الكشف الصوفي ما افتراه عبد الكريم الجيلي في كتابه الإنسان الكامل فيما زعمه أنه عرج به إلى السماوات ورأى هنالك الملائكة والأنبياء وكلمهم واستفاد منهم فوائد، وأفادهم كذلك فوائد فيما زعمه، وقد نقلنا في ذلك الباب نقولًا مستفيضة مما كذبه، وقد جاء من نسج على منوال الجيلي تمامًا وكتب كتابًا يكاد يكون نسخة منه وهو إسماعيل بن عبد الله السوداني والذي ألفه سنة ١٢٦١هـ ـ أي منذ مائة وسبع وثلاثين سنة تقريبًا وسماه (مشارق شمس الأنوار ومقارب حسها في معنى العلوم والأسرار) .

وقد سلك إسماعيل بن عبد الله السوداني هذا مسلك الجيلي نفسه حيث زعم أنه عرج به إلى السماء سماء سماء. والعجيب أنه جعل هذه السماوات هي الكواكب السبعة التي كانت معروفة في ذلك الوقت (القمر، والزهرة، والمشتري، والمريخ، وعطارد، وزحل) . والتي كان يظن قديمًا أنها هي السماوات السبع فجعل لكل سماء من هذه (روحانية) كما يعتقده الصابئة عبدة النجوم، وشوه معراج الرسول ـ صلى الله عليه وسلم ـ فنقل منه أسماء الأنبياء والرسل الذين التقى بهم الرسول في معراجه، فزعم إسماعيل هذا أنه التقى بهم أيضًا وأفادوه وباركوه واحتفلوا بمجيئه إليهم، وأنه شاهد بعد ذلك العرش والكرسي وسدرة المنتهى، والملائكة الذين لم يسجدوا لآدم تمامًا كما زعم الجيلي من قبله مكذبًا بذلك القرآن حيث يقول سبحانه وتعالى: {ثم قلنا للملائكة اسجدوا لآدم فسجدوا إلا إبليس لم يكن من الساجدين} [الأعراف: ١١] . ويبدو أنه لم يقرأ هذه الآية قط واكتفى بقراءة كتاب الجيلي ونقل عنه مشاهداته وزعمها لنفسه وجعلها كشفًا خاصًا به هو. .

وهذا هو شأن مشايخ التصوف ينقل بعضهم عن بعض نفس الدعاوي التي يدعيها من قبله فإذا قال أحدهم أنا خاتم الأولياء قال من بعده بل أنا خاتم الأولياء، وإذا قال أحدهم رفعني الله وأجلسني عنده وأعطاني وقربني جاء من يدعي هذه الدعاوي ويزيد على ذلك وهكذا. وهأنذا أنقل فقرات من هذه

<<  <   >  >>