ولشريعة عيسى ولشريعة محمد ولكل شرائع الله المنزلة، ولم يقل الخضر أو يفعل شيئًا يخالف ما كان عليه الأنبياء صلوات الله عليهم، وإنما فقط أطلعه الله على بعض أسرار المقادير ففعل ما فعل من الحق الذي لا تنكره الشرائع بناء على هذه الأخبار والأنباء التي أطلعه الله عليها. وباختصار لم يفعل الخضر شيئًا مخالفًا لشريعة موسى فافهم هذا جيدًا وتمسك به.
٤ ـ وجود الخضر ـ عليه السلام ـ على دين وشريعة غير شريعة موسى كان أمرًا سائغًا وسنة من سنن الله قبل بعثة محمد ـ صلى الله عليه وسلم ـ لأن النبي كان يبعث إلى قومه خاصة، ولذلك كان موسى رسولًا إلى بني إسرائيل فقط، ولم يكن رسولًا للعالمين، ولذلك لما سلم موسى ـ عليه السلام ـ على الخضر قال الخضر: وأنّى بأرضك السلام. قال له موسى أنا موسى. قال الخضر: موسى بني إسرائيل! ؟ قال: نعم. . أي أنت مبعوث إلى بني إسرائيل ومنهم، ولذلك لم تكن شريعة موسى لازمة للخضر ولجميع الناس في زمانه، وأما بعد بعثة محمد ـ صلى الله عليه وسلم ـ فإنه لا يجوز شرعًا أن يكون هناك من هو خارج عن شريعته، لأن الرسول ـ صلى الله عليه وسلم ـ رسول للعالمين، فلا يسع الخضر ولا غيره أن يتخلف عن الإيمان به واتباعه ولذلك فلا وجود بتاتًا للخضر وأمثاله بعد بعثة الرسول محمد ـ صلى الله عليه وسلم ـ.
٥ ـ لا شك أن ما فعله الخضر فعله عن وحي حقيقي من الله وليس عن مجرد خيال أو إلهام لأن قتل النفس لا يجوز بمجرد الظن، ولذلك قال الخضر: وما فعلته عن أمري. . فلم يفعل إلا عن أمر الله الصادق ووحيه القطعي. ومثل هذا الأمر والوحي القطعي قد انقطع بوفاة النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ فلا وحي بعده، ومن ادعى شيئًا من ذلك فقد كفر لأنه بذلك خالف القرآن الذي يقول الله فيه:{ما كان محمد أبا أحد من رجالكم ولكن رسول الله وخاتم النبيين وكان الله بكل شيء عليمًا}[الأحزاب: ٤٠] .
وقال أيضًا رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ (وختم بي النبيون فلا نبي بعدي)[رواه مسلم] .