وساطة وأن همتهم تصل السماوات وما فوقها والأرض وما تحتها. .
ولقد وسع المتصوفة دائرة كشفهم هذه فزعموا أنهم يعلمون أسرار الحروف المقطعة من القرآن بطريق الكشف، وقصص الأنبياء يروونها على حقيقتها ويجتمعون بالأنبياء ويسألونهم عن تفاصيل قصصهم وما كان منهم. . فيفيدون فوائد كثيرة دونها كثيرًا ما هو موجود فعلًا في القرآن، وأما الجنة والنار، فهم وإياها دائمًا رأي العين، بل هي ساقطة أصلًا من عيونهم لأن النار وما النار، لو بصق أحدهم عليها لأطفأها كما قال أبو يزيد وغيره منهم. . وأما الجنة فالنظر إليها شرك وكفر لأنهم ينظرون إلى الله فقط. .
ولذلك قال قائلهم معيبًا على الصحابة عندما قرأ {منكم من يريد الدنيا ومنكم من يريد الآخرة}[آل عمران: ١٥٢] . قال. . أف. . أليس منكم أحد يريد الله. . وقال آخر عن قوله تعالى:{إن أصحاب الجنة اليوم في شغل فاكهون}[يس: ٥٥] . قال. . ألهاهم عنه. .
باختصار لقد اكتشف المتصوفة بزعمهم للقرآن معاني غير التي يعرفها أصحاب النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ وعلماء الأمة على مر العصور. لقد اكتشفوا هم عن طريق كشفهم الشيطاني أن للقرآن معاني أخرى وأن فيه علومًا كثيرة جدًا لا يعلمها غيرهم. . وما هذه العلوم. . إنها كل الفلسفات القديمة، والخزعبلات والخرافات التي عند فلاسفة الإغريق، وكهنة الهنادك والهندوس، وشياطين المجوس وإباحية المانوية والمزدكية، وخرافات القصاص من كل لون وجنس كل هذا وهذا جعله المتصوفة كشفًا وحقيقة صوفية ومعاني للقرآن الكريم ولحديث النبي الشريف. .
ومن أراد منهم أن لا ينسب هذه الخرافات والخزعبلات إلى القرآن والحديث، ورأى أنه تحقق بعلوم أكثر بكثير مما فيهما قال:
خضنا بحرًا وقف الأنبياء بساحله. . فجعل نفسه أعظم معرفة وتحقيقًا مما لدى الأنبياء. . وذلك لما رأى أنه قد جمع من الخرافات والخزعبلات والأساطير شيئًا نهى الرسل الصادقون عن افترائه وتناقله وتداوله. .