" فإذا ذكر شأن الأولياء قدروا أحوالهم على ما يرون من أمور نفوسهم فكذبوا نعم الله تعالى، ودفعوا منه وجهلوا أمره. فهذا من أعظم الفرية على الله تعالى. .
قال له قائل: فإن بعضهم احتج بقوله (تعالى) : {فلا يأمن مكر الله إلا القوم الخاسرون}[الأعراف: ٩٩] . (. . وقال: إن الأمن من مكر الله أو ضلال هذه الطبقة، وهذا يؤدي إلى الزندقة) . - وقال تعالى {قل لا يعلم من في السماوات والأرض الغيب إلا الله وما يشعرون}[النمل: ٦٥] .
والمحبة والسعادة والشقاوة غيب عند الله تعالى، لا يعلم إلا هو،. . وزعم أنك ناظرت يحيى بن معاذ في ذلك حتى بقي متحيرًا. . وأن هذه الطبقة تقدم نفسها على الأنبياء. .
قال له: أما قوله تعالى: {فلا يأمن مكر الله إلا القوم الخاسرون}[الأعراف: ٩٩] . فهذا قوله تعالى، لا ريب فيه ولا في قبوله. وهو أنه لا يعلم ما حاله عند الله تعالى فإن أمن فهو خاسر جاهل. كأنه حكم على الله من غير أن يحكمه. فأما من بشره الله فرد بشراه فقد اجترم، كما اجترم ذلك الآخر، فهذا من ذلك الوجه، فحق على من لا يعلم، أن لا يأمن، وحق على من أمن أن يأمن، فليس الأنبياء عليهم السلام كانوا يؤمنون (من أنفسهم) ولكن لما أُمِّنوا أَمِنُوا والأنبياء لهم عقدة النبوة والأولياء لهم عقدة الولاية. . " ا. هـ (ختم الأولياء ص٣٨٧-٣٨٨) .
ويستطرد الترمذي مجيبًا في زعمه على من يقول للمتصوفة في دعاواهم هذه أن هذا ادعاء لعلم الغيب ولا يعلم الغيب إلا الله، فيجيب الترمذي على ذلك بجواب عجيب حيث يقول:
" وأما قوله {لا يعلم من في السماوات والأرض الغيب إلا الله}[النمل: ٦٥] . فعلم الغيب عند الله، وكم من غيب أطلع الله عليه رسوله فأية حجة في هذا؟ وإنما يريد أن يروج بمثل هذا الأغبياء. وكم من غيب أطلع الله عليه أهل الإلهام حتى نطقوا به وأهل الفراسة. . ".