وقال أيضًا:" ثم إن صاحب الفصوص (يعني ابن عربي) وأمثاله بنوا الأمر على أن الولي يأخذ عن الله بلا وساطة والنبي يأخذ بوساطة الملك. ولهذا صار خاتم الأولياء أفضل عندهم من هذه الجهة، وهذا باطل وكذب فإن الولي لا يأخذ عن الله إلا بوساطة الرسول وإن كان محدثًا (يشير الإمام ابن تيمية بقوله (محدثًا) إلى حديث الرسول ـ صلى الله عليه وسلم ـ عن عائشة ـ رضي الله عنه ـ اعن النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ: أنه كان يقول (قد كان يكون في الأمم قبلكم محدثون فإن يكن في أمتي منم واحد، فإن عمر بن الخطاب منهم) قال ابن وهب: تفسير محدثون أي ملهمون (متفق عليه) ، فقد ألقي إليه بشيء وجب عليه أن يزنه بما جاء الرسول من الكتاب والسنة " ا. هـ
ولا يظنن ظان أن قول الإمام ابن تيمية أن الولي يكون (محدثًا) أن الله يكلمه، وإنما ذلك مجرد الإلهام الذي لا يستطيع الولي بأن يجزم بأنه من الله أو من الشيطان إلا بعرضه على ميزان الكتاب والسنة. وباطمئنان قلب المؤمن المتبع لشرع الله إلى مثل هذا الإلهام، وأما هذه المخاريق والخزعبلات والكفر والزندقة التي جاء بها المتصوفة فليست إلا وساوس شياطين إذ كيف يكون إلهامًا من الله وهو يدعي أنه خاتم الأولياء وأنه أفضل من محمد ـ صلى الله عليه وسلم ـ وأنه يعلم الغيب كله وأنه يتصرف في الأكوان. . إلخ هذه الكفريات. ولذلك قال الإمام ابن تيمية في هذا الصدد:
" والأولياء وإن كان فيهم محدث، كما ثبت في الصحيحين عن النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ أنه قال [إنه كان في الأمم قبلكم محدثون فإن يكن في أمتي منهم فعمر] فهذا الحديث يدل على أن أول المحدثين من هذه الأمة عمر، وأبو بكر أفضل منه إذ هو صديق، والمحدث وإن كان يلهم ويحدث من جهة الله تعالى فعليه أن يعرض ذلك على الكتاب والسنة فإنه ليس بمعصوم. . " ا. هـ
ولا شك بعد هذا أن دعوى ختم الولاية هي من الكفر الصريح الذي لا يجوز أن يماري فيها مؤمن يعي عن الله وعن الرسول ـ صلى الله عليه وسلم ـ لا سيما إذا انضاف إلى ذلك الزعم بتفضيل خاتم الأولياء هذا على خاتم الأنبياء ـ صلى الله عليه وسلم ـ. وقد نص ابن تيمية رحمه الله في مواطن كثيرة على كفر من زعم ذلك كقوله: