إبليس بشهاب من نار ليضعه في وجهي ولولا دعوة أخي سليمان لأصبح موثقًا بسارية المسجد يلعب به صبيان المدينة] . وأما نار إبراهيم الذي يسأل الشاذلي ربه أن يسخرها له! ! فإن الله عز وجل جعلها بردًا وسلامًا على إبراهيم في مناسبة خاصة وذلك بعد أن تعرض لما تعرض له من البلاء، ولم يسأل إبراهيم ربه أصلًا بذلك، وكذلك إلانة الحديد لداود إنما كان لأنه يأكل من عمل يده فكافأه الله بأن ألان له الحديد وعلمه صنعة الدروع فكان هذا من الله فضلًا له للمناسبة التي فيه. . أما أن يأتي رجل ليس بنبي فيسأل الله جميع معجزات الأنبياء فلا شك أن يكون قد تعدى في الدعاء وقد نهى النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ عن التعدي في الدعاء والحق أننا إذا قارنا هذا التعدي الموجود في أدعية أخرى لهان الأمر فها هو الشاذلي نفسه يقول في دعائه أيضًا:
" اللهم هب لي من النور الذي رأى به رسولك ـ صلى الله عليه وسلم ـ ما كان ويكون، ليكون العبد بوصف سيده لا بوصف نفسه. غنيًا بك عن تجديدات النظر لشيء من المعلومات، ولا يلحقه عجز عما أراد من المقدورات، ومحيطًا بذات السر بجميع أنواع الذوات، ومرتبًا البدن مع النفس والقلب مع العقل، والروح مع السر والأمر مع البصيرة والعقل الأول الممد من الروح الأكبر المنفصل عن السر الأعلى " ا. هـ (أبو الحسن الشاذلي لعبد الحليم محمود ص١٦٨) .
فأي تعد أكبر من هذا أن يدعو إنسان ربه ليعطيه نورًا من النور الذي رأى به النبي ما كان يكون -وهذا كذب أيضًا لأن الرسول لم يكن يعلم من الغيب ما كان وما يكون وما لم يكن منه إلا ما أعلمه الله سبحانه وتعالى إياه، ولكن هؤلاء زعموا هذا للنبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ ورتبوا على ذلك أن يجعلهم الله أيضًا كالنبي يعلمون الغيب، وقوله حتى يكون العبد بوصف مولاه- يعني أن يتصف بما اتصف به النبي ويكون الوصف راجعًا في النهاية للنبي لا يعفيه هذا أنه يطلب ما كان للنبي من منزلة وعلم، وصدق الله سبحانه حيث يقول في أمثالهم {بل يريد كل امرئ منهم أن يؤتى صحفًا منشرة}[المدثر: ٥٢] .