كتاب اللمع للطوسي قوله " وأخذوا عليه (يعني أبا الحسن النووي) أنه سمع أذان المؤذن فقال: طعنه وشم الموت، وسمع نباح الكلب فقال: لبيك وسعديك ". ومثله تمامًا ما نقلناه آنفًا عن أبي يزيد أنه اجتاز بمقبرة لليهود: فقال: معذورون. وبمقبرة للمسلمين فقال: مغرورون! ! فأي غلبة حال وسكر، وهذيان غلبت على هؤلاء حتى قالوا ما قالوا. . وأليست هذه عقيدة زنديقية واحدة. . ثم ما هذا (المربي) ـ زعموا ـ الذي رأى مريده يقتل قملة فقال له: قاتلك الله شفيت غيظك بقتل قملة! ! وهذا الشيخ نفسه يمر على الخنزير فيقول له: عم صباحًا! !
وكان يبدأ الكلاب والخنازير بالسلام. . المهم أن هذه العبارات التي يسمونها شطحًا لم تكن شطحًا كما زعموا وقد قالها قائلوها في حالة صحو وليس في حالة سكر، وإنها تنبئ عن عقيدة وليست كلامًا فارغًا من المعنى وهذيانًا كما زعموا.
٣ ـ ثم إننا نسأل إذا كان مثل هذه العبارات يسميها الصوفية شطحًا وهذيانًا، فلماذا يعمدون إلى تأويلها وتفسيرها، وإخراج درر معانيها، بل وجعلها من مناقب قائليها ووصولهم إلى الحقيقة؟ ! فقد فسروا كلام من أجاب الشاة بقوله: لبيك يا سيدي بأنه علم أن كل شيء يسبح بحمد الله، وأن ثغاء الشاة تسبيح ولذلك أجابها. . فإذا كان كلامهم هذا شطحًا فلماذا فسروه وأخرجوا معانيه الغالية! ! ودرره الثمينة. . وتقول لهم جعل الشاة في موضوع السيادة ليس تعظيمًا للخالق! ! والسلام ليس موضوعًا ليلقي على الخنازير والكلاب بل ولا على غير المسلم أيضًا لأن السلام تحية خاصة بالمسلمين فقط فإلقاؤها على الكلاب والخنازير مروق من الدين، وخروج عن حقيقة الشريعة المطهرة وظاهرها. وأما تفسيرهم لقول النوري الذي دعا على المؤذن بالموت عندما سمع نداءه، بأنه خشي أن يكون هذا المؤذن مرائيًا أو يأخذ أجرًا على أذانه كما زعموا فليس هذا طريق الإنكار على المؤذن وإنما النوري أنكر على الأذان وليس على المؤذن. وكان يجب لو كان يؤمن بالإسلام حقًا، وبالأذان صدقًا أن يقول كما يقول وأن يصلي بعد ذلك على الرسول ويطلب له الوسيلة