" سمعت من الشيخ يعني (عبد العزيز الدباغ) ـ رضي الله عنه ـ يقول كان بعض من أراد الله رحمته في الماضين يحب الصالحين فألقى الله في قلبه أن خرج من ماله فباعه وجمع ثمنه فذهب به لبعض من شهر عنه الصلاح وكانت تقصده الوفود من النواحي فذهب إليه هذا المرحوم بجملة ماله حتى بلغ بلده فسأل عن داره فدل عليها فدق الباب ففتح الخادم فقال: ما اسمك فقال: عبد العلي. وكان الشيخ المشهور بالولاية من العصاة المسرفين على نفوسهم (انظر كيف كان الشيخ الولي عاصيًا مسرفًا على نفسه ومع ذلك فهو عند المتصوفة ولي عنده أسرار! !) وكان له نديم يتعاطى معه الشراب وغيره اسمه عبد العلي فوافق اسمه اسم هذا المرحوم، فذهبت الجارية فقالت للشيخ، اسم هذا الذي دق الباب عبد العلي. فقال وظن أنه نديمه: ائذني له. فدخل على الشيخ فوجد الشراب بين يديه وامرأة فاجرة معه ورزقه الله تعالى الغفلة عن ذلك كله (انظر إلى الكذب الواضح) فتقدم إليه فقال: يا سيدي سمعت بك من بلادي وجئتك قاصدًا لتدلني على الله ـ عز وجل ـ وهذا مالي أتيتك به. فقال الشيخ (يتقبل الله منك) ثم أمر الجارية أن تدفع له رغيفًا فأخذه وأعطاه الفأس وأمره بالخدمة في بستان للشيخ عينه له. فذهب المرحوم من ساعته ونفسه مطمئنة وقلبه مسرور بقبول الشيخ له فذهب فرحًا للخدمة وقد لقي نصبًا من سفره للشيخ وما استراح حتى بلغ البستان وجعل يخدم بفرح وسرور ونشاط نفسي فكان من قدر الله عز وجل وحسن جميله بذلك المرحوم أن صادف مجيئه للشيخ الكاذب المسرف وفاة رجل من أكابر العارفين وكان من أهل الديوان فحضر وفاته الغوث والأقطاب السبعة فقالوا له يا سيدي فلان: كم مرة ونحن نقول لك اهبط إلى المدينة من مدن الإسلام فعسى أن تلقى من يرثك في سرك ولم تساعد فالآن حانت وفاتك فيضيع سرك وتبقى بلا وارث فقال لهم يا سادتي قد ساق الله إلى من يرثني وأنا في موضعي فقالوا له ومن هو؟ فقال: عبد العلي الذي وفد على فلان المبطل فانظروا إلى حسن سريرته مع الله عز وجل وإلى تمام صدقه