معروفة وأسباب مصنوعة، وأراد غير مرة منهم قوم إظهار ذلك فلما رأوا معارضتي لهم رجعوا ودخلوا على أن أسترهم فأجبتهم إلى ذلك بشرط التوبة، حتى قال لي شيخ منهم في مجلس عام فيه جماعة كثيرة ببعض البساتين لما عارضتهم بأني أدخل معكم النار بعد أن نغتسل بما يذهب الحيلة، ومن احترق كان مغلوبًا، فلما رأوا الصدق أمسكوا عن ذلك.
وحكى ذلك الشيخ أنه كان مرة عند بعض أمراء التتر بالمشرق، وكان له صنم يعبده، قال: فقال: هذا الصنم يأكل من هذا الطعام كل يوم ويبقى أثر الأكل في الطعام بينًا يرى فيه! ! فأنكرت ذلك، فقال لي إن كان يأكل أنت تموت؟ فقلت نعم، قال: فأقمت عنده إلى نصف النهار ولم يظهر في الطعام أثر! فاستعظم ذلك التتري وأقسم بأيمان مغلظة أنه كل يوم يرى فيه أثر الأكل، لكن اليوم بحضورك لم يظهر ذلك. فقلت لهذا الشيخ: أنا أبين لك سبب ذلك. ذلك التتري كافر مشرك، ولصنمه شيطان يغويه بما يظهره من الأثر في الطعام، وأنت كان معك من نور الإسلام وتأييد الله تعالى ما أوجب انصراف الشيطان عن أن يفعل ذلك بحضورك، وأنت وأمثالك بالنسبة إلى أهل الإسلام الخالص كالتتري بالنسبة لأمثالك. فالتتري وأمثاله سود، وأهل الإسلام المحض بيض، وأنتم بلق فيكم سواد وبياض. فأعجب هذا المثل من كان حاضرًا! ! !
وقلت لهم في مجلس آخر لما قالوا تريد أن تظهر هذه الإشارات؟ قلت: إن عملتموها بحضور من ليس من أهل الشأن: من الأعراب والفلاحين، أو الأتراك أو العامة أو جمهور المتفقهة والمتفرقة والمتصوفة لم يحسب لكم ذلك. فمن معه ذهب فليأت به إلى سوق الصرف إلى عند الجهابذة الذين يعرفون الذهب الخالص من المغشوش ومن الصفر، لا يذهب إلى عند أهل الجهل بذلك. فقالوا لي: لا نعمل هذا إلا أن تكون همتك معنا، فقلت: همتي ليست معكم، بل أنا معارض لكم مانع لكم، لأنكم تقصدون بذلك إبطال شريعة رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ فإن كان لكم قدرة على إظهار ذلك فافعلوا. فانقلبوا صاغرين.