ثم تتضح المسألة أكثر باطلاعنا على النص الذي يورده المقريزي أيضًا من أن " الإمام إنما وجوده في العالم الروحاني إذا صرنا بالرياضة في المعارف إليه "(خطط المقريزي ٢/٢٣٣) . المعنى الذي يعبر عنه السجستاني الإسماعيلي بقوله:" إن هذه العلوم لا تصل إلى مستحقيها بالرياضة ولو كان حبشيًا أو سنديًا "(كشف المحجوب ص٩٢) . وبذلك تتضح لنا فكرة السلوك الإسماعيلي الذي يتيح للمريد أن يصل إلى حقيقة التأويل عن طريق الرياضة العقلية التي بلغ بها النقيب أو الحجة ما بلغه الإمام من علم. ويوضح جولد تسيهر ذلك بأن " الحقائق لا توجد إلا في المعاني الباطنة. أما المعاني الظاهرة فهي حجب مضطربة وأقنعة متناقضة. ومريدو الاندماج في الفرقة الإسماعيلية تزاح عنهم هذه الحجب والأقنعة بالقدر الذي يناسب استعداداتهم، ويتدرجون في هذا المضمار حتى تتهيأ لهم القدرة على مواجهة الحقائق وهي سافرة "(العقيدة والشريعة في الإسلام ص٢١٦) . ولا بد أننا لاحظنا موازاة هذه المعاني للمثل والمبادئ الصوفية. وقد لاحظ ذلك جولد تسيهر فأورد لنا قصيدة لجلال الدين الرومي الشاعر الصوفي يفصح بها عن فكرتي الجانبين المعبرة عن حقيقة واحدة بقوله:" اعلم أن آيات القرآن سهلة يسيره، ولكنها على سهولتها تخفي وراء ظاهرها معنى خفيًا مستترًا. ويتصل بهذا المعنى الخفي ثالث يحير ذوي الأفهام الثاقبة ويعييها والمعنى الرابع ما من أحد يحيط به سوى الله واسع الكفاية من لا شبيه له. وهكذا نصل إلى معان سبعة الواحد تلو الآخر، ولذا لا تتقيد يا بني بفهم المعنى الظاهري كما لم تر الشياطين في آدم إلا أنه مخلوق من الطين. فالمعنى الظاهري في القرآن شبيه بجسد آدم، فما نراه منه هو هيئته الظاهرة وليس روحه الخفية المستترة "(العقيدة والشريعة في الإسلام ص٢١٦) ، وهذا السلوك يصف الإنسان بالعلم الإلهي إلى حد أن الإسماعيلية