يقول الصوفي في صراحة: أنا الله، وقد رأينا أنها آتية من الغلاة أولًا ثم نظمتها الإسماعيلية وأصلتها وأسست فأخذتها الصوفية جاهزة، وقد رأينا في رسائل جابر بن حيان الإسماعيلي قوله:" إن حدّ علم الباطن أنه العلم بعلل السنن وأغراضها الخاصة اللائقة بالعقول
الإلهية " وقد وجدنا هذا التفاوت في العلم ـ من قبل ـ في هذه الرسائل أيضًا ووجدنا أن طبقات الناس الإلهيين تعد خمسًا وخمسين طبقة للواصلين لا سبعًا ولا تسعًا كما قال الفاطميون بعدئذ. وتبدأ هذه الدرجات بالنبي الإمام فالحجاب فالبسيط فالسابق فالتالي فالأساس. . حتى تنتهي بالناسك فالحياة فالناهي فذي الأمر الذي إذا ظهر فلا بدل منه إذ كان كل واحد منهم مندوبًا لأمر لا يخالطه فيه غيره " (الصلة بين التصوف والتشيع لكامل الشيبي ص٢٠٥ ـ ٢٠٩) ا. هـ. منه بلفظه.
ويقول أيضًا الدكتور أبوالعلاء العفيفي:
" وترجع المقابلة بين الشريعة والحقيقة ـ في أصل نشأتها ـ إلى المقابلة بين ظاهر الشرع وباطنه. ولم يكن المسلمون في أول عهدهم بالإسلام ليقروا هذه التفرقة أو يكفروا فيها. ولكنها بدأت بالشيعة الذين قالوا إن لكل شيء ظاهرًا وباطنًا، وإن للقرآن ظاهرًا وباطنًا، بل لكل آية فيه وكل كلمة ظاهر وباطن. وينكشف الباطن للخواص من عباد الله الذين اختصهم بهذا الفضل وكشف لهم عن أسرار القرآن. ولهذا كانت لهم طريقتهم الخاصة في تأويل القرآن وتفسيره. ويتألف من مجموع التأويلات الباطنية لنصوص القرآن ورسوم الدين وما ينكشف للسالكين من معاني الغيب عن طرق أخرى مما أطلق عليه الشيعة اسم (علم الباطن) الذي ورثه النبي صلى الله عليه وآله وسلم علي بن أبي طالب ـ في زعمهم ـ وورثه علي أهل العلم الباطن الذين سموا أنفسهم بالورثة.