للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

قال: " لتعبدوه بالرق لا بالطمع " (ص١٤١) فرؤية الجنة عندهم معصية، وطلبها نقص في حق العابد ".

ولذلك قال (ص١٥٥) : " دخل جماعة على رابعة يعودونها من شكوى، فقالوا: ما حالك؟ قالت: والله ما أعرف لعلتي سببًا، غير أني عرضت على الجنة (هكذا) فملت بقلبي إليها، فأحسب أن مولاي غار علي، فعاتبني فله العتبى ". ومعنى هذا أن مجرد ميل القلب إلى الجنة يعتبره المتصوفة ذنبًا يعاقبون عليه. وفي سبيل هذه العقيدة حول المتصوفة معاني الآيات والأحاديث إلى ما يريدون إثباته من ذلك. وهذه بعض أدلتهم التي أخذوها من الآيات والأحاديث:

١ ـ قوله تعالى: {إن الله اشترى من المؤمنين أنفسهم وأموالهم} [التوبة: ١١١] . بهذا المقطع من الآية فقط يستدل الكلاباذي علي عقيدة القوم، ويقول: ليعبدوه بالرق لا بالطمع. ويقطع الآية عن نهايتها التي ترد فيها قوله، وهي قوله تعالى: {بأن لهم الجنة} [التوبة: ١١١] . فشراء الله لأنفس المؤمنين وأموالهم إنما كان بعوض وهو الجنة، وعمل المؤمنين كان سببًا للوصول إلى هذه الجنة، وإن كان غير مكافئ لها، ولكن لا يمنع هذا المؤمن أن يطمع في فضل الله ورحمته، ودخول الجنة، وأن يسعى إلى ذلك، بل هذا هو التعبد الصحيح.

٢ ـ قوله تعالى: {كلوا واشربوا هنيئًا بما أسلفتم في الأيام الخالية} [الحاقة: ٢٤] . يقول الكلاباذي: " أي الخالية عن ذكر الله، لتعلموا أنه بفضله نلتم لا بأعمالكم " (ص١٤٢) فسر الخالية هنا بمعنى الخالية عن ذكر الله، أي لأنكم لم تذكروا الله في بعض الأيام استحق هذا مني أن أدخلكم الجنة، لتعلموا أنما دخلتموها بفضلي لا بعلمكم. وهذا تفسير خاطئ معكوس لمعنى الآية، فالله ـ عز وجل ـ يقول للمؤمنين يوم القيامة: كلوا واشربوا هنيئًا بسبب ما أسلفتموه في الأيام الخالية أي السابقة التي خلت. والذي أسلفوه هو العمل الصالح.

<<  <   >  >>