الكتاب والسنة، وأنه لا عقيدة إلا من القرآن والسنة، ولا شريعة كذلك إلا منهما وأن كل ما خالفهما فهو باطل. وذلك حتى تتضح هذه الحقيقة التي هي أصل الدين وأساسه والتي عمل الصوفية كل همهم لنقضها وهدمها، فالتصوف يقوم أول ما يقوم على هدم هذين الأصلين توحيد المعتقد، وتوحيد العمل، فعند الصوفية كل ما اعتقده الناس جميعًا مؤمنين وكفارًا وزنادقة وفلاسفة وعلى أي ملة ومذهب فهو حق، وكل عمل وشريعة فهي حق وأما الإسلام فإنه يقوم أول ما يقوم على أنه لا هدي إلا هدي الإسلام ولا عقيدة حق إلا عقيدة الكتاب والسنة ولا شريعة واجبة الإتباع إلا شريعة الرسول محمد ـ صلى الله عليه وسلم ـ وأنه لا صراط يوصل إلى الله إلا صراطه. وأما المتصوفة فكل الطرق نافعة وصالحة وكل الشرائع مهما كانت فعينها واحدة.
وخصصت الباب الثاني لمجمل تاريخ التصوف: كيف بدأ التصوف، وكيف انتشر وما هي المراحل التي مر بها إلى يومنا هذا والخطوط العريضة للفكر الصوفي في العقائد والشرائع.
وأما الباب الثالث فهو أوسع الأبواب، وقد شمل ثلاثة عشر فصلًا كلها في تفصيل المعتقد الصوفي كيف بدأ وكيف تطور إلى أن وصل إلى غاياته ونهاياته في القول بوحدة الوجود، والمناداة بوحدة العقائد جميعًا، والأديان جميعًا وجعل كل المتناقضات حقيقة واحدة (لله في زعمهم) تعالى الله عن ذلك علوًا كبيرًا. ثم عرضنا لعقيدة المتصوفة النهائية فشرحناها بحمد الله فصلًا فصلًا بدأنا بما سموه بالحقيقة المحمدية ويعنون بذلك أن الرسول هو أول موجود في الكون وهو المستوي على عرش الله فوق السماوات السبع، وأنه هو الذي خلق هذا العالم من نوره وهو الذي أرسل الرسل وأنزل الشرائع وأن كل العوالم السفلية والعلوية من فعله وصنعته وتدبيره وأنه بذلك المظهر الحسي لله في زعمهم. الله الذي لا يعدو كونه عندهم هو مجموع هذا العالم! !
شرحنا عقيدتهم هذه بالنصوص من كتبهم، ورددنا عليهم، ثم بينا معتقدهم في الخضر ـ عليه السلام ـ والذي جعلوا له صورة وحقيقة غير ما جاء في الكتاب