الإله في شيء واحد فقط، لأن عين كل شيء هي عين الإله، وهي عين الحق ـ تعالى الله عن ذلك علوًا كبيرًا ـ.
يقول ابن عربي في ذلك:" ثم قال هارون لموسى ـ عليه السلام ـ: {إني خشيت أن تقول فرقت بين بني إسرائيل}[طه: ٩٤] . فتجعلني سببًا في تفريقهم، فإن عبادة العجل فرقت بينهم، فكان منهم من عبده اتباعًا للسامري وتقليدًا له، ومنهم من توقف عن عبادته حتى يرجع إليهم موسى فيسألونه عن ذلك، فخشي هارون أن ينسب ذلك الفرقان بينهم إليه، فكان موسى أعلم بالأمر من هارون، لأنه علم ما عبده أصحاب العجل، لعلمه أن الله قضى ألا يعبد إلا إياه. . وما حكم الله بشيء إلا وقع. . فكان عتب موسى أخاه هارون لما وقع الأمر في إنكاره وعدم اتساعه، فإن العارف من يرى الحق في كل شيء، بل يراه عين كل شيء " ا. هـ (الفصوص ص١٩٢) .
فانظر كيف زعم الخبيث أن موسى علم أن أصحاب العجل ما عبدوا إلا الله، لأن الله قال:{وقضى ربك ألا تعبدوا إلا إياه}[الإسراء: ٢٣] ، فجعل هذا القضاء قضاء كونيًا قدريًا، وأن الله ما حكم بشيء إلا وقع، ومعنى هذا عنده أن كل معبود في الأرض إنما هو الله، وما عبد الإنسان شيئًا حجرًا أو غيره إلا عبد الله، مستدلًا بالآية السالفة بمعنى حكم وأمر، وهذا الحكم والأمر حكم شرعي، فمن هداه الله ووفقه إليه امتثله. ومن اتبع سبيل الغواية والشيطان انحرف ومال عنه، كبقية الأوامر الشرعية، نحو وأقيموا الصلاة، وآتوا الزكاة، ونحو قوله تعالى:{وما كان لمؤمن ولا مؤمنة إذا قضى الله ورسوله أمرًا أن يكون لهم الخيرة من أمرهم}[الأحزاب: ٣٦] . وقد خالف قضاء الله وأمره كثير من الكفار والملاحدة والجاحدين، وخالف بعض المؤمنين بعض ما قضى الله به ورسوله، وكثيرًا مما أمر به.
وها قد رأيت أن ابن عربي ختم عبارته بقوله: " فالعارف من يرى الحق