قلبه، وكذلك تسمى الحق لنا برفيع الدرجات، ولم يقل. . رفيع الدرجة، فكثر الدرجات في عين واحدة، فإنه قضى أن لا يعبد إلا إياه في درجات كثيرة مختلفة، أعطت كل درجة مجلى إلهيًا عبد فيها، وأعظم مجلى عبد فيه وأعلاه (الهوى) كما قال: {أفرءيت من اتخذ إلهه هواه}[الجاثية: ٢٣] وهو أعظم معبود، فإنه لا يعبد شيء إلا به. . ولا يعبد هو إلا بذاته، وفيه أقول:
وحق الهوى إن الهوى سبب الهوى ولولا الهوى في القلب ما عبد الهوى "
(الفصوص ص١٩٤)
ثم يقول بعد ذلك: " والعارف المكمل من رأى كل معبود مجلى للحق يعبد فيه، ولذلك سموه كلهم إلهًا مع اسمه الخاص بحجر أو شجر، أو حيوان أو إنسان، أو كوكب أو ملك " (الفصوص ص١٩٥) .
ثم جعل ابن عربي بعد ذلك كفار قريش الذين تمسكوا بآلهتهم الباطلة قائلين {ما نعبدهم إلا ليقربونا إلى الله زلفى}[الزمر: ٣] . غير منكرين لله، بل متعجبين لأنهم وقفوا مع كثرة الصور، ونسبوا الألوهية إليها، ثم يزعم أن الرسول محمد ـ صلى الله عليه وسلم ـ قد جاء داعيًا لهم إلى إله يعرف، ولا يشهد. . ثم يصف ابن عربي هذا الإله قائلًا: " فدعا (أي الرسول محمد ـ صلى الله عليه وسلم ـ) إلى إله يصمد إليه ويعلم من حيث الجملة. . ولا يشهد ولا تدركه الأبصار، للطفه وسريانه في أعيانه الأشياء، فلا تدركه الأبصار كما أنها لا تدرك أرواحها المدبرة أشباحها وصورها الظاهرة، وهو اللطيف الخبير، والخبرة ذوق، والذوق تجل، والتجلي في صور فلا بد منها، ولا بد منه، فلا بد أن يعبده من رآه بهواه إن فهمت. . " ا. هـ ثم يقول مستهزئًا بعقول الجاهلين:{وعلى الله قصد السبيل. .}[النحل: ٩] .
وأظنك أيها القارئ قد فهمت الآن العقيدة التي دعا إليها ابن عربي