للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وأين ذلك؟ . . في النار نفسها، هذه النار التي وصفها الله بما وصف، ووصف أهلها بما وصف. . هذه النار دار سعادة عند ابن عربي، لا دار شقاوة وعذاب، بل دار عذوبة وهناء. وهاك نص عبارته في ذلك:

" وإن دخلوا دار الشقاء فإنهم ** على لذة فيها نعيم مباين

نعيم جنان الخلد، فالأمر واحد** وبينهما عند التجلي تباين

يسمى عذابًا من عذوبة طعمه** وذاك له كالقشر والقشر صاين

(الفصوص ص٩٤)

فانظر كيف جعل نعيم النار كنعيم الجنة، لأن الأمر واحد في زعمه، وأن العذاب من العذوبة، وأن النار قشرة تخفي وراءها النعيم المقيم لأهل النار.

ويقول أيضًا: " فمن عباد الله من تدركه تلك الآلام في الحياة الأخرى في دار تسمى جهنم، ومع هذا لا يقطع أحد من أهل العلم الذين كشفوا الأمر على ما هو عليه إنه لا يكون لهم في تلك الدار نعيم خاص بهم، إما بفقد ألم كانوا يجدونه، فارتفع عنهم، فيكون نعيمهم راحتهم عن وجدان ذلك الألم. . أو أن يكون النعيم مستقلًا زائدًا كنعيم أهل الجنان والله أعلم ". انتهى (الفصوص ص١١٤) .

ومع أنه تناقض هنا مع ما قرره في أبياته السابقة، وقال: يكون النعيم لأهل النار بفقد آلام سابقة، أو بحصول لذة ومتاع بالنار كنعيم الجنة و (أو) تقتضي الشك، ولذلك قال: والله أعلم، مع العلم أنه قال في مطلع الكتاب وفي ثناياه أنه ينقل عن الله بلا زيادة ولا نقصان. . فانظر هذا التهافت والتخبط والعمى. . نعوذ بالله من الخذلان.

أقول مع هذا يعود ويقرر دون شك أن النار ستكون بردًا وسلامًا على أهلها، كما كانت نار إبراهيم بردًا وسلامًا عليه، يقول في (الفصوص ص١٦٩) : " وأما أهل النار فمآلهم إلى النعيم ولكن في النار. . إذ لا بد لصورة النار بعد انتهاء مدة العقاب أن تكون بردًا وسلامًا على من فيها، وهذا نعيمهم، فينعم أهل النار بعد استيفاء الحقوق نعيم خليل الله حين ألقي في النار، فإنه ـ عليه السلام ـ تعذب برؤيتها.

<<  <   >  >>