عليهما من سواهما وروت عائشة رضي الله عنها أن النبي صلى الله عليه وسلم قال:"يحرم من الرضاع ما يحرم من الولادة١".
فصل: ومن حرم عليه نكاح امرأة على التأبيد برضاع أو نكاح أو وطء مباح صار لها محرماً في جواز النظر والخلوة لأنها محرمة عليه على التأبيد بسبب غير محرم فصار محرماً لها كالأم والبنت ومن حرمت عليه بوطء شبهة لم يصر محرماً لأنها حرمت عليه بسبب غير مباح ولم تلحق بذوات المحارم والأنساب.
فصل: ويحرم على المسلم أن يتزوج ممن لا كتاب له من الكفار كعبدة الأوثان ومن ارتد عن الإسلام لقوله تعالى: {وَلا تَنْكِحُوا الْمُشْرِكَاتِ حَتَّى يُؤْمِنَّ}[البقرة: ٢١١] ويحرم عليه أن يطأ إماءهم بملك اليمين لأن كل صنف حرم وطء حرائرهم بعقد النكاح حرم وطء إمائهم بملك اليمين كالأخوات والعمات ويحل له نكاح حرائر أهل الكتاب وهم اليهود والنصارى ومن دخل في دينهم قبل التبديل لقوله تعالى: {وَطَعَامُ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ حِلٌّ لَكُمْ وَطَعَامُكُمْ حِلٌّ لَهُمْ وَالْمُحْصَنَاتُ مِنَ الْمُؤْمِنَاتِ وَالْمُحْصَنَاتُ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ مِنْ قَبْلِكُمْ}[المائدة: ٥] ولأن الصحابة رضي الله عنهم تزوجوا من أهل الذمة فتزوج عثمان رضي الله عنه نائلة بنت الفرافصة الكلبية وهي نصرانية وأسلمت عنده وتزوج حذيفة رضي الله عنه بيهودية من أهل المدائن وسئل جابر رضي الله عنه عن نكاح المسلم اليهودية والنصرانية فقال: تزوجنا بهن زمان الفتح بالكوفة مع سعد بن أبي وقاص ويحل له وطء إمائهم بملك اليمين لأن كل جنس حل نكاح حرائرهم حل وطء إمائهم كالمسلمين ويكره أن يتزوج حرائرهم وأن يطأ إماءهم بملك اليمين لأنا لا نأمن أن يميل إليها فتفتنه عن الدين أو أن يتولى أهل دينها فإن كانت حربية فالكراهية أشد لأنه لا يؤمن ما ذكرناه ولأنه يكثر سواد أهل الحرب ولأنه لا يؤمن أن يسبي ولده منها فيسترق.
فصل: وأما غير اليهود والنصارى من أهل الكتاب كمن يؤمن بزبور داود عليه السلام وصحف شيث فلا يحل للمسلم أن ينكح حرائرهم ولا أن يطأ إماءهم بملك اليمين لأنه قيل إن ما معهم ليس من كلام الله عز وجل وإنما هو شيء نزل به جبريل عليه السلام كالأحكام التي نزل بها على النبي صلى الله عليه وسلم من غير القرآن وقيل إن الذي معهم ليس بأحكام وإنما هي مواعظ والدليل عليه قوله تعالى: {إِنَّمَا أُنْزِلَ الْكِتَابُ عَلَى طَائِفَتَيْنِ
١ رواه البخاري في كتاب النكاح باب ٢٠، ٢٧. مسلم في كتاب الرضاع حديث ١، ٢، ٩. أبو داود في كتاب النكاح باب ٦. ابن ماجة في كتاب النكاح باب ٣٤. الموطأ في كتاب الرضاع حديث ١، ٢، ١٦.