مِنْ قَبْلِنَا} [الأنعام: ١٥٦] ومن دخل في دين اليهود والنصارى بعد التبديل لا يجوز للمسلم أن ينكح حرائرهم ولا أن يطأ إماءهم بملك اليمين لأنهم دخلوا في دين باطل فهم كمن ارتد من المسلمين ومن دخل فيهم ولا يعلم أنهم دخلوا قبل التبديل أو بعده كنصارى العرب وهم تنوخ وبنو تغلب وبهراء لم يحل نكاح حرائرهم ولا وطء إمائهم بملك اليمين لأن الأصل في الفروج الحظر فلا تستباح مع الشك.
فصل: واختلف أصحابنا في السامرة والصابئين فقال أبو إسحاق: السامرة من اليهود والصابئين من النصارى واستفتى القاهر أبا سعيد الاصطخري في الصابئين فأفتى بقتلهم لأنهم يعتقدون أن الكواكب السبعة مدبرة والمذهب أنهم وافقوا اليهود والنصارى في أصول الدين من تصديق الرسل والإيمان بالكتب كانوا منهم وإن خالفوهم في أصول الدين لم يكونوا منهم وكان حكمهم حكم عبدة الأوثان واختلفوا في المجوس فقال أبو ثور: يحل نكاحهم لأنهم يقرون على دينهم بالجزية كاليهود والنصارى وقال أبو إسحاق: إن قلنا أنهم كان لهم كتاب حل نكاح حرائرهم ووطء إمائهم والمذهب أنه لا يحل لأنهم غير متمسكين بكتاب فهم كعبدة الأوثان وأما حقن الدم فلأن لهم شبهة كتاب والشبهة في الدم تقتضي الحقن وفي البضع تقتضي الحظر وأما ما قال أبو إسحاق فلا يصح لأنه لو جاز نكاحهم على هذا القول لجاز قتلهم على القول الآخر.
فصل: ويحرم عليه نكاح من ولد بين وثني وكتابية لأن الولد من قبيلة الأب ولهذا ينسب إليه ويشرف بشرفه فكان حكمه في النكاح حكمه ومن ولد بين كتابي ووثنية ففيه قولان: أحدهما أنها لا تحرم عليه لأنها من قبيلة الأب والأب من أهل الكتاب والثاني أنها تحرم لأنه لم تتمحض كتابية فأشبهت المجوسية.
فصل: ولا يحل له نكاح الأمة الكتابية لقوله تعالى: {وَمَنْ لَمْ يَسْتَطِعْ مِنْكُمْ طَوْلاً أَنْ يَنْكِحَ الْمُحْصَنَاتِ الْمُؤْمِنَاتِ فَمِنْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ مِنْ فَتَيَاتِكُمُ الْمُؤْمِنَاتِ}[النساء: ٢٥]