للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

فصل: إذا طلقت المرأة قبل الدخول ووجب لها نصف المهر جاز للذي بيده عقدة النكاح أن يعفو عن النصف لقوله عز وجل: {وَإِنْ طَلَّقْتُمُوهُنَّ مِنْ قَبْلِ أَنْ تَمَسُّوهُنَّ وَقَدْ فَرَضْتُمْ لَهُنَّ فَرِيضَةً فَنِصْفُ مَا فَرَضْتُمْ إِلَّا أَنْ يَعْفُونَ أَوْ يَعْفُوَ الَّذِي بِيَدِهِ عُقْدَةُ النِّكَاحِ} [البقرة: ٢٣٧] وفيمن بيده عقد النكاح قولان قال في القديم: هو الولي فيعفو عن النصف الذي لها لأن الله تعالى خاطب الأزواج فقال سبحانه وتعالى: {وَقَدْ فَرَضْتُمْ لَهُنَّ فَرِيضَةً فَنِصْفُ مَا فَرَضْتُمْ إِلَّا أَنْ يَعْفُونَ أَوْ يَعْفُوَ الَّذِي بِيَدِهِ عُقْدَةُ النِّكَاحِ} [البقرة: ٢٣٧] ولو كان الزوج لقال: إلا أن يعفون أو تعفو لأنه تقدم ذكر الأزواج وخاطبهم بخطاب الحاضر فلما عدل عن خطابهم دل على أن الذي بيده عقدة النكاح غير الزوج فوجب أن يكون هو الولي وقال في الجديد: هو الزوج فيعفو عن النصف الذي وجب له بالطلاق فأما الولي فلا يملك العفو لأنه حق لها فلا يمللك العفو عنه كسائر ديونها وأما الآية فتحتمل أن يكون المراد به هو الأزواج فخاطبهم بخطاب الحاضر ثم خاطبهم بخطاب الغائب كما قال الله عز وجل: {حَتَّى إِذَا كُنْتُمْ فِي الْفُلْكِ وَجَرَيْنَ بِهِمْ} [يونس: ٢٢] فإذا قلنا إن الذي بيده عقدة النكاح هو الولي لم يصح العفو منه إلا بخمسة شروط: أحدهما أن يكون أباً أو جداً لأنهما لا يتهمان فيما يريان من حظ الولد ومن سواهما متهم والثاني أن تكون المنكوحة بكراً فأما الثيب لا يجوز العفو عن مالها لأنه لا يملك الولي تزويجها والثالث أن يكون العفو بعد الطلاق وأما قبله فلا يجوز لأنه لا حظ لها في العفو قبل الطلاق لأن البضع معرض للتلف فإذا عفا ربما دخل بها فتلفت منفعة بضعها من غير بدل والرابع أن يكون قبل الدخول فأما بعد الدخول فقد أتلف بضعها فلم يجز إسقاط بدله والخامس أن تكون صغيرة أو مجنونة فأما البالغة الرشيدة فلا يملك العفو عن مهرها لأنه لا ولاية عليها في المال.

فصل: وإن فوضت بضعها بأن تزوجت وسكت عن المهر أو تزوجت على أن لا مهر لها ففيه قولان: أحدهما لا يجب لها مهر بالعقد وهو الصحيح لأنه لو وجب لها المهر بالعقد لتنصف بالطلاق والثاني يجب لأنه لو لم يجب لم استقر بالدخول ولها أن تطالب بالفرض لأن إخلاء العقد عن المهر خالص لرسول الله صلى الله عليه وسلم فإن قلنا يجب بالعقد فرض لها مهر المثل لأن البضع كالمستهلك فضمن بقيمته كالسلعة المستهلكة في يد المشتري ببيع فاسد وإن قلنا لا يجب لها المهر بالعقد فرض لها ما يتفقان عليه لأنه ابتداء إيجاب فكان إليهما كالفرض في العقد ومتى فرض لها مهر المثل أو ما يتفقان عليه صار ذلك كالمسمى في الاستقرار بالدخول والموت والتنصف بالطلاق لأنه مهر مفروض

<<  <  ج: ص:  >  >>