فصار كالمفروض في العقد وإن لم يفرض لها حتى طلقها لم يجب لها شئ من المهر لقوله عز وجل:{وَإِنْ طَلَّقْتُمُوهُنَّ مِنْ قَبْلِ أَنْ تَمَسُّوهُنَّ وَقَدْ فَرَضْتُمْ لَهُنَّ فَرِيضَةً فَنِصْفُ مَا فَرَضْتُمْ}[النساء: ٢٣٨] فدل على أنه إذا لم يفرض يجب النصف وإن لم يفرض لها حتى وطئها استقر لها مهر المثل لأن الوطء في النكاح من غير مهر خالص لرسول الله صلى الله عليه وسلم وإن ماتا أو أحدهم قبل الفرض ففيه قولان: أحدهما لا يجب لها المهر لأنه مفوضة فارقت زوجها قبل الفرض والمسيس فلم يجب لها مهر كما لو طلقت والثاني يجب لها المهر لما روى علقمة قال أتى عبد الله في رجل تزوج امرأة فمات عنها ولم يكن فرض لها شيئاً ولم يدخل بها فقال أقول فيها برأيي لها صداق نسائها وعليها العدة ولها بمثل ما قضيت ففرج بذلك ولأن الموت معنى يستقر به المسمى فاستقر به مهر المفوضة كالوطء وإن تزوجت على أن لا مهر لها في الحال ولا في الثاني ففيه وجهان: أحدهما أن النكاح باطل لأن النكاح من غير مهر لم يكن إلا لرسول الله صلى الله عليه وسلم فتصير كما لو نكح نكاحاً ليس له والثاني يصح لأنه يلغي قولها لا مهر لي في الثاني لأنه شرط باطل في الصداق فسقط وبقي العقد فعلى هذا يكون حكمه حكم القسم قبله.
فصل: ويعتبر مهر المثل بمهر نساء العصبات لحديث علقمة عن عبد الله وتعتبر بالأقرب فالأقرب منهن وأقربهن الأخوات وبنات الإخوة والعمات وبنات الأعمام فإن لم يكن لها نساء عصبات اعتبر بأقرب النساء إليها من الأمهات والخالات لأنهن أقرب إليها فإن لم يكن لها أقارب اعتبر بنساء بلدها ثم بأقرب النساء شبهاً بها ويعتبر بمهر من هي على صفتها في الحسن والعقل والعفة واليسار لأنه قيمة متلف فاعتبر فيها الصفات التي يختلف بها العوض والمهر يختلف بهذه الصفات ويجب من نقد البلد كقيم المتلفات.
فصل: وإذا أعسر الرجل بالمهر ففيه طريقان: من أصحابنا من قال: إن كان بعد الدخول لم يجز الفسخ لأن البضع صار كالمستهلك بالوطء فلم تفسخ بالإفلاس كالبيع بعد هلاك السلعة ومن أصحابنا من قال: إن كان قبل الدخول ثبت الفسخ وإن كان بعد الدخول ففيه قولان: أحدهما لا يثبت لها الفسخ لما ذكرناه والثاني يثبت لها الفسخ وهو الصحيح لأن البضع لا يتلف بوطء واحد فجاز الفسخ والرجوع إليه ولا يجوز الفسخ إلا بالحاكم لأنه مختلف فيه فافتقر إلى الحاكم كفسخ النكاح بالعيب.